جَمعنا من هذَين الفَنَّين، لأَنهما نَظيرانِ، والإبلُ سفُنْ البَرّ ونحن نَذكُر بعض ما جَاءَ في البَرارِي وأَهوالها، والإِبل وأَسنانها، وسُرْعتها وحَنِينها والتطَيُّر منها، وذكر الظّغائن. والهَوادِج عليها، ونُضِيف إلى ذلك صِفاتِ النَّواعِير، إِذ كان قد شُبِّه حِنيُنهَا بحنِين الأَباعر، ويتلو ذلك بعضُ ما جاءَ في البِحار والسُّفُن وما شاكل ذلك إن شاء الله.
أسنان الإِبل
يُقال لوَلدِ النّاقةِ ساعةَ تُلقِيه: سَقْبٌ لِلذَّكَرِ.. ..... ...... .... ... سَخْلَةٌ، فإذا عُلِمَ ما هُوَ قيل للذَّكر: حُوَارٌ، والأُنْثَى: حائلٌ فإذا مَضتْ له أَيّامٌ كان رُبَعًا والأًنْثَى رُبَعَةٌ فإذا أكلَ الشَّجَر، وشرِبَ الماءَ وفُطِمَ فَهْو فَصِيلٌ، والأُنثَى فَصيلةٌ، وفي السَّنَة التي تلِيها ابنُ مَخَاضٍ، والأُنثى بنتُ مَخاضٍ، وفي الّتي تليها ابنُ لَبُونٍ، والأُنثَى بِنتُ لَبُون وفي التي تَليها حِقٌّ وحِقّةٌ، وفي التي تَلِيها جَذَعٌ وجذَعَة، وفي الّتي تَليها ثَنِيّ وثَنِيَّة، وفي التي تَليها رَبَاع ورَبَاعِيَة، وفي التي تَليها سَدَسٌ وسَدِيسٌ للذَّكَر والأُنثَى وفي التي تَليها بارِكٌ للذَّكَر والأُنثَى. والعُشَراءُ: التي أَتَى عليها من لقَاحِها عَشْرةً أَشهُرٍ، والهَجَائِنُ: الكِرامُ منها، والبَرْكُ: إِبِلُ الحَيّ، وليس للعَرب في أَشعارها أَكثَرُ من صِفات الإِبِل والخيْل والبَرارِي، والمشهور لها مِن ذلك كثيرٌ والمُخْتَارُ غيرُ يسير، ونحن نأْتِي بقليلٍ منه، ليكون كِتَابُنا يَشتملُ على كلِّ فنٍّ. ويَتَضمَّنُ من كلّ مَعنًى ووَصفٍ إن شاء الله.
في البَرِّية
للمُتلمِّس:
كم دُون ميَّةَ مِن دَاوِيَّة قَذَفٍ ... ومِنْ فَلاةٍ بها تُستَوْدَعُ العِيسُ
ومن ذُرَا علَمٍ نَاءٍ مَسَافَتُه ... كأَنَّه في حَبَابِ الماءِ مَغموسُ
جاوَزْتُه بأَمُونٍ ذاتِ مَعْجَمَةٍ ... تنْجو بكَلكَلِها والرأْسُ مَعْكُوسُ
وللأعْشى:
ويَهْمَاءَ قَفْرٍ تَحْرَجُ العَيْنُ وَسْطَهاوتَلْقَى بها بَيْضَ النَّعَامِ تَرَائِكَا
يَقول بها ذُو قُوَّةِ القومِ إِذْ دَنَا ... لصَاحِبه إِذْ خافَ منها المَهَالِكَا
لك الوَيْلُ أَفْشِ الطَّرْفَ بالعَيْن حَوْلنا ... علَى حَذَرٍ واسْتَبْقِ ما فِي سِقَائكَا
وللمرَّار الفقعسِيّ:
إِذَا نَظَر القَومُ ما مِثلُها ... رأَى القَوْمُ دَوِّيَّةً كالسَّمَا
كأَنّ قُلوبَ أَدِلاّئِها ... مُعَلَّقةٌ بقُرُونِ الظِّبَا
يَظلُّ الشُّجاعُ الشديدُ الجَنانِ ... مُحافَظَةً مُعْصِمًا بالدُّعَا
له نَظْرتان فمَرْفُوعَةٌ ... وأُخْرَى تأَمَّلُ مَا في السِّقَا
وثالِثةٌ بعد طُولِ الصُّماتِ ... إِليَّ وفي صَوتِه كالبُكَا
فقلْتُ الْتَزِمْ عنك ظَهْرَ القَعُود ... جَزَآ اللهُ مِثلَك شَرَّ الجَزَا
ولذي الرُّمَّة:
كم دُونَ مَيَّةَ من خَرْقٍ ومن عَلَمٍ ... كأنَّه لاَمِعًا عُرْيَانُ مَسْلوبُ
وكمْ مُلَمَّعَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ ... تُرَابُها بشِعَافِ القَلْبِ معصوبُ
كأَنّ حِرْباءها في كلِّ هاجِرةٍ ... ذُو شَيْبَةٍ من رِجَالِ الْهِنْدِ مَصلوبُ
ومن أحسن ما قيل في البَرِّيَّة قولُ الأَخطل:
وبَيْدَاءَ مِمْحَالٍ كأَنَّ نَعامَهَا ... بأَرْجائِها القُصوَى أَباعِرُ هُمَّلُ
تَرَى لامِعَاتِ الآلِ فِيهَا كأَنَّهَا ... رِجَالٌ تُعَرَّى تارةً وتُسَرْبَلُ
وجَوْزِ فَلاَةٍ ما يُغمِّضُ رَكْبُها ... ولا عَيْنُ هَادِيها من الخَوْفِ تَغْفُلُ
بكلِّ بَعِيد الغَوْلِ لا يُهْتَدَى له ... بعِرْفانِ أعلامٍ ولا فيه مَنْهَلُ
مَلاعِبُ جِنّانٍ كأَنَّ تُرَابَها ... إِذا اصَّرَدَتْ فيه الرِّيَاحُ مُغَرْبَلُ
ولعبد الله بن محمد:
1 / 65