Anwar al-Masalik: Sharh Umdat al-Salik wa Uddat al-Nasik

Muhammad ibn Zakariya al-Razi d. 1337 AH
5

Anwar al-Masalik: Sharh Umdat al-Salik wa Uddat al-Nasik

أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك

Mai Buga Littafi

دار إحياء الكتب العربية

الَحمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، هَذَا مُخْتَصَرٌ عَلَى مَذْهَبِ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ، اقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ المَذْهَبِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ أَوْ أَحَدِهِمَا،


(الحمد لله رب العالمين) بدأ رحمه الله بالبسملة ثم ثنى بالحمدلة اقتداء بصنع الكتاب العزيز وعملا بحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" ومعناه أنه يطلب الابتداء بها في الأمور ذات الشأن كلبس الثياب وركوب الدواب والأكل والشرب وإنه إن لم يبدأ بها فيها تكون ناقصة في المعنى مثل الآدمي المقطوع اليد. وحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" رواه أبو داود وأشار إلى أنه لا تعارض بينهما إذ الابتداء حقيقي وإضافي، والرب معناه المالك، والعالمين جمع عالم وهو اسم لما سوى الله، فمعنى الجملة الثناء والمدح ثابت لله مالك الخلق جميعهم. قال (وصلى الله على سيدنا محمد) الصلاة من الله الرحمة المقرونة بالتعظيم فمعنى صلى الله أطلب منك يا ألله رحمة مشمولة بالتعظيم على سيدنا معاشر الخلق محمد فهي جملة خبرية لفظاً طلبية معنى. قال (وعلى آله وصحبه أجمعين) لما أمر الله بالصلاة عليه بقوله: "يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه" قيل له كيف نصلي عليك قال قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلخ في التشهد. فعدنا أننا مأمورون بالصلاة على آله أيضاً، وهم كما قال الشافعي أقاربه المؤمنون من بني هاشم وبني المطلب، وصحبه اسم جمع لصاحب وهو من اجتمع به صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ولما كان بعض الرافضة يقع في بعض الصحابة أكد بلفظ أجمعين للرد عليهم. قال (هذا مختصر) ذا اسم إشارة أشار به المؤلف. فاستعمله المصنف على سبيل المجاز لما رتبه في ذهنه، والمختصر اسم مفعول من الاختصار وهو الإيجاز ثم وصف هذا المختصر وقال (على مذهب الإمام الشافعي) أي أن هذا المختصر جار على مذهب الإمام الشافعي أي على مقتضى الأحكام التي ذهب إليها، والمذهب في الأصل اسم للمكان الذي يذهب فيه ثم نقل إلى الأحكام على سبيل المجاز والإمام من يؤتم به والشافعي نسبة إلى شافع وهو جد الإمام الشافعي الرابع إذ هو "محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف" وعبد مناف هو الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم. ولد الإمام الشافعي بغزة سنة خمسين ومائة، ومات سنة أربع ومائتين بمصر. قال (رحمة الله عليه ورضوانه) جملة خبرية لفظاً إنشائية معنى، والرحمة من الله الإحسان، والرضوان القرب والمحبة فهو أخص من مطلق الرحمة (اقتصرت فيه) أي في المختصر فهي صفة له أيضاً (على) ذكر (الصحيح من المذهب) اعلم أن المذهب يحتوي على الصحيح الذي لا تجوز الفتوى بغيره وعلى مقابله وهو الضعيف وعلى المشهور ومقابله وهو الغريب وعلى الأظهر ومقابله وعلى الراجح ومقابله وعلى النص ومقابله وهو المخرج وعلى القديم ومقابله وهو الجديد فالمصنف لم يذكر في كتابه إلا الراجح ولم يتعرض لغيره كالمنهاج، ومن فوائد ذكر المجتهد للقولين إبطال مازاد لا العمل بكل منهما وبيان المدرك وأن من رجح أحدهما من مجتهدي المذهب لا يعدّ خارجاً عنه ثم الراجح منهما ما نصّ على رجحانه وإلا فما علم تأخره وإلا فما فرع عليه وحده وإلا لما قال عن مقابله مدخول أو يلزمه فساد وإلا فما أفرده في محل أو جواب وإلا فما وافق مذهب مجتهد لتقوه به فإن خلا عن ذلك كله فهو لتكافؤ نظريه. إذا علمت ذلك علمت ما يحتاج إليه الترجيح من تتبع كلام الإمام والإحاطة به والاطلاع على المذاهب الأخرى، فلذا لم يدّع هذه المرتبة إلا أفراد قليلة ولذا قال المصنف: (عند الرافعي والنووي) يعني الصحيح عندهما إذا هما شيخا المذهب وعلى اعتمادهما المعوّل إلا نادراً وقد نالا من الشهرة ما يغني عن بسط القول في الثناء عليهما، قال (أو أحدهما) بالجر معطوف على مجموع المعطوف والمعطوف عليه

3