وقد يغفل اختلافا — فى أن يقاس على الشىء بإيجاب أو بسلب — المتوهم بأن القول: «ليس هو هذا» والقول: «هو لا هذا» — يدل على معنى واحد أو على معنى مختلف، مثل القول: «ليس هو أبيض»، «وهو لا أبيض»، لأن هذين القولين ليس يدلان على معنى واحد وليس سالب: هو أبيض، القول: هو لا أبيض، ولكن: ليس هو أبيض. وقياس ذلك هو أن نسبة: «يمكن أن يمشى» إلى «يمكن ألا يمشى»، كنسبة «هو أبيض» إلى «هو لا أبيض»، وكنسبة «يعلم خيرا» إلى «يعلم لا خيرا» ومعنى القول إنه «يعلم الخير» «وهو عالم بالخير» واحد — وكذلك «يقدر أن يمشى» و«هو قادر أن يمشى». فإذن، ومعنى الأقوال المناقضة لهذه واحد: «ليس يقدر أن يمشى»، «وليس هو قادرا أن يمشى». فإن كان القول أن «ليس هو قادرا أن يمشى» يدل على ما يدل عليه «هو قادر أن لا يمشى»، فإنه يجب أن يتفقا معا فى شىء أحد، لأن الإنسان الواحد يمكنه أن يمشى وألا يمشى. وأيضا: «هو عالم بالخير» «وعالم لا بالخير». فأما الموجبة والسالبة المتناقضتان فليس يمكن أن يتفقا فى شىء واحد معا. فكما أن القول: «ليس يعلم خيرا» «ويعلم لا خير» ليس هو شيئا واحدا، كذلك ليس هو شيئا واحدا القول: «ليس هو خيرا» و«هو لا خير»، لأن الأشياء التى فى نسبة واحدة إن كان بعضها مختلفا فبعضها مختلف. وكذلك ليس القول: «هو لا مساو» و«ليس هو مساويا» شيئا واحدا، لأن القول: «هو لا مساو»، يقع على شىء ما موضوع وهو: غيرمساو. فأما القول: «ليس هو مساويا» فليس له شىء موضوع. ولذلك ليس كل شىء: إما أن يكون مساويا أو لا يكون مساويا. والقول أيضا إن «هذا هو عود ليس بأبيض» و«ليس هو عودا أبيض» ليس يتفق معا فى شىء واحد، لأنه إن كان عودا ليس بأبيض فهو عود، وإن كان ليس هو عودا أبيض فليس هو بالضرورة عودا. فإذن هو بين أن ليس سالب القول «هو خير» القول «هو لا خير». فاذ كان كل واحد من الأشياء إما أن تصدق عليه الموجبة أو السالبة، ولم تكن هذه سالبة، فبين أنها موجبة، ولكل موجبة سالبة، فإذن سالبة هذه: «ليس هو لا خيرا»؛ ولبعضها إلى بعض نسبة على ترتيب.
Shafi 223