55

فؤاد الأب والأم

ولكنني أعطيته لمن طلبه في الإسكندرية، وذهب به إلى الشاطئ فضاع! ...

أما القلم الذي راهنت به على الوزارة النسيمية، فقد احتفظت به زمنا بعد سقوط تلك الوزارة، ثم التبس علي بفضلات من أقلام أخرى تشبهه، فلم أشأ أن أحتفظ بنسخ متعددة لا أدري أيها الجدير بالاحتفاظ، وتركته مع شبيهاته لما يصيبه من صروف الأقدار.

وقيل لي كثيرا: «احتفظ بهذا القلم أو ذاك؛ لأنك كتبت به هذا الكتاب أو ذاك ...» فلم أجد معنى للاحتفاظ بقلم تغني عنه في عملي، وفي نظري أقلام. (2) لماذا هويت القراءة

أول ما يخطر على البال حين يوجه هذا السؤال إلى أحد مشتغل بالكتابة أنه سيقول: إنني أهوى القراءة لأنني أهوى الكتابة!

ولكن الواقع أن الذي يقرأ ليكتب وكفى هو «موصل رسائل» ليس إلا ... أو هو كاتب «بالتبعية» وليس كاتبا بالأصالة. فلو لم يسبقه كتاب آخرون لما كان كاتبا على الإطلاق، ولو لم يكن أحد قبله قد قال شيئا لما كان عنده شيء يقوله للقراء.

وأنا أعلم فيما أعهده من تجاربي أنني قد أقرأ كتبا كثيرة لا أقصد الكتابة في موضوعاتها على الإطلاق، وأذكر من ذلك أن أديبا زارني، فوجد على مكتبي بعض المجلدات في غرائز الحشرات، فقال مستغربا: وما لك أنت والحشرات؟! ... إنك تكتب في الأدب وما إليه، فأية علاقة للحشرات بالشعر والنقد والاجتماع؟!

ولو شئت لأطلت في جوابه ... ولكنني أردت أن أقتضب الكلام بفكاهة تبدو كأنها جواب وليس فيها جواب ...

فقلت: نسيت أنني أكتب أيضا في السياسة!

قال: نعم نسيت والحق معك! ... فما يستغني عن العلم بطبائع الحشرات رجل يكتب عن السياسة والسياسيين في هذه الأيام!

Shafi da ba'a sani ba