وانتهز مصطفى عجوة الفرصة فقال: العمي كثيرون يا مولانا.
فصاح الشيخ يخاطبني في غضب: أتنكر فضل السيد أحمد جلال؟
فاندفعت قائلا في غيظ: من الذي ينكر؟ وما معنى هذا الغضب يا مولانا؟
فاستمر قائلا: أهذا هو إخلاصك؟
فشعرت بما يشبه الوخزة في صدري وقلت غاضبا: ما لك أنت وإخلاصي؟ أظن السيد يعرف المخلصين وغير المخلصين، ولكنك تريد أن تخدعه بهذا الملق يا سيدي الشيخ. كنت أتمنى لو لم أكن هنا ولو لم أسمع كلامك هذا، أو على الأقل كنت أتمنى ألا توجه إلي هذا القول الذي لا معنى له.
واتجهت إلى السيد أحمد قائلا: ومع هذا فإنها مناسبة حسنة يا سيدي لأن أقول لك كلمة. أنت تعرف أني أجلك كوالدي، ولكنك لا تعرف حقيقة ما في نفوس هؤلاء الذين تطعمهم بالمئات في فناء محلجك، والفرق بين الذين يجلسون هنا والذين يجلسون هناك هو أن هؤلاء يتكلمون أمامك والآخرون يتكلمون من خلف ظهرك، وأما أنا فإني أسمع ما يقول الجميع.
وكان مصطفى عجوة جالسا في ركن بعيد فسمعت صوته الأجوف يقول: ماذا تريد أن تقول يا سيد أفندي؟
فغاظني صوته أكثر مما غاظني سؤاله، واندفعت قائلا: لست أوجه إليك كلامي.
وقال الشيخ القرش: يريد أن يقول إن كل الناس كذابون.
فقلت مستمرا: لم أقل هذا يا سيدي الشيخ، ولكني قلت إن هناك من يقولون غير ما تقوله أنت وأصحابك؛ لأنهم ينطقون بما في نفوسهم بغير رياء.
Shafi da ba'a sani ba