فقال جادا: بالضبط، والمقاعد الأمامية بثلاثين قرشا، وكل المقاعد بالثمن. لا هدايا ولا مجانا ولا مجاملة. الجد جد. الاجتماع غدا في الساعة العاشرة صباحا في وابور الطحين بجوار ضريح سيدي «أبو طاقية» ما رأيك؟ أنصار الفن أو المسرح الوطني؟
ففكرت قليلا ثم قلت: المسرح الوطني.
فصفق قائلا: أديب عظيم والله! المسرح الوطني يا أستاذ سيد. انتهينا!
ولم أجبه بكلمة لأن ذهني كان مشغولا بأسئلة كثيرة عن حقيقة الجنيهات العشرين فهل يدفعها لي مقدما كما يقول؟ ولكني خجلت من سؤاله حتى لا أظهر لهفتي، وجعلت أفكر في إمكان بيع التذاكر كلها.
ولما رأى حمادة أني صامت قال لي: قلت لك لا تفكر. رواية مدهشة. كلام نهائي؟ في الساعة العاشرة صباحا؟
وتركني بعد أن هز يدي في صفاء ومودة، وعدت إلى غرفتي مستبشرا أعيد ما سمعت من حمادة حتى غلبني النوم وأنا أناجي أملي.
واجتمعنا في اليوم التالي في «وابور الطحين»، وكانت الفرقة هي الزمرة القديمة مع زيادة بعض أشخاص آخرين للقيام بالأدوار الثانوية، وقرأنا القصة فوجدناها مدهشة حقا. رجل من كبار الأغنياء يتزاحم الشبان على خطبة ابنته ويرفض أن يزوجها لأحد منهم، ثم يأتي إليه سمسمار يوهمه بأنه رسول من قبل أحد الأعيان في مدينة مجاورة لخطبة ابنته، وكان متآمرا مع وكيل الدائرة على تزويج الفتاة من رجل مفلس من أسرة معروفة طمعا في الحصول على ثروة والدها.
ثم تنكشف المؤامرة بعد كتابة العقد، فيغضب والد الفتاة ويريد التخلص من العقد، وبعد مراجعات كثيرة ومصادمات ومضاربات مضحكة يرضى الزوج المفلس بأن يفسخ العقد بعد أن يأخذ تعويضا ماليا كبيرا.
وتم الاتفاق بيننا على توزيع الأدوار، فكنت أنا سعادة البك، وحمادة الأصفر الشيخ منصور السمسار، ومصطفى عجوة وكيل الدائرة، وحمادة البارودي ابنة البك، وهكذا، ولم نختلف إلا على شيء واحد؛ وهو الطريقة التي يضرب بها وكيل الدائرة وجه سعادة البك ردا على الصفعة التي يوجهها إليه البك في أثناء المشادة التي تحتدم بينهما، ولما لم أرض أن يضربني مصطفى عجوة بحال من الأحوال، تم الاتفاق بيننا بعد أخذ ورد طويلين على أن يقنع مصطفى وكيل الدائرة بالتهجم على البك من بعيد.
وبعد بضعة أيام جاء حمادة الأصفر ليسألني هل حفظت دوري؟ وكنت أتقنت حفظه، وتمرنت عليه حتى رضيت عن نفسي، ودفع لي حمادة جنيهين مقدما عندما رفضت أن أشتغل إلا إذا نفذ الشرط المتفق عليه، ووعدني بأن يدفع الباقي في ليلة الحفلة.
Shafi da ba'a sani ba