يتظاهرُ أن ذلك من كدِّه واستخراجِه منها! وإِنَّما هو - حقيقةً - ممن تقدَّمه من المُخَرِّجين من السابقين أو اللاحقين، وقد يضيف شيئًا جديدًا - مصدرًا، أو رَقْمًا - سترًا لسرقته، ولكن الأمر كما قيل: "من أسَرَّ سريرةً أَلبَسَهُ الله رداءها"، وكما قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ ... وإنْ خالها تخفى على الناسِ تُعلمِ
وأَكثرُ تخاريجه المُطَوَّلة من هذا القَبيل - في هذا الكتاب وغيره -، ثم هو يسلِّط عليها آراءه الخاصّة في نقدها، مخالفًا في ذلك قواعد أهل الحديث والعلم - كما تقدَّمَت الإشارة إلى ذلك -، وترى تفصيل ذلك فيما يأْتي.
وإِن مما يؤكِّد ما ذكرت أمرينِ:
أَحدهما: أَنَّه من النادر جدًا أن يستدرك على من أشرنا إليه من المخرِّجين طريقًا أو متابعًا أو شاهدًا لم يذكروه، لأنَّ ذلك ينافي تخطيط (الهدَّام) المذكورِ! بل قد يكتم بعض ما ذكروا من الطرق، وبخاصَّةٍ إذا كانت من تخريج الألباني، وبصورةٍ أخصَّ ما كان منها معزوًّا لبعض المخطوطات التي لم ترها عينه، والأمثلة أمامك.
والآخر: أَنَّه قد يقع في نفس الخطإ الذي كنت وقعت أنا فيه - قديمًا - سواءً ما كان منه حديثيًّا أو مطبعيًّا - "ركونًا منه إلى السرقةِ، أو التقليد، وتماشيًا مع الهدم الذي نذر نفسه له.
والأمثلة في ذلك كثيرة، ويحضرني الآن مثالان:
أ - حديث: "إن كنت تحبني فأَعِدَّ للفقر تِجفافًا ... "؛ فقد كنت قديمًا ضَعَّفته في مُقَدِّمَة تخريجي لأحاديث "رياض الصالحين" (ص: هـ طبعة