وبمنزلته، وأدبه بحيث «كان يطلق لسانه بما لا يقدر عليه» [٩٤]، وأنه لم يكن لبق الخطاب فيما يحبّ أن يكون له من أموره، ولم يكن يترفّع عن الصّغائر ترفّعا يجعلنا نحسّ أنه كان يعرف ما يراد به فيعرض عنه، وإلّا فإنه لا يتوقع أحد له أن يكتب- وهو في مثل هذه المكانة الحرجة- إلى صاحب ديوان الخراج واصفا مطالبته إياه بأداء الخراج عن ضياعه بأنها خزاية وليست جباية، وبما هو أكثر من ذلك [٩٥] .
وزاد من تمرّد أبي بكر أنّ هؤلاء السامانيين- وهم أمير طفل ولي خراسان وعمره ثلاث عشرة سنة ووزير مستبد هو أبو الحسين العتبي يصرّف أمور الولاية على هواه، وصاحب جيش هو ابن سيمجور يتمرّد على الأمير والوزير معا [٩٦]- زاد من تمرّده، وإبائه أنّهم كانوا يريدون منه أن ينقطع إليهم دون سواهم من البويهيين، ولعلّهم أحسّوا بما سرّب من أخبارهم إلى الصاحب، ولكنّ إرادتهم في الانقطاع إليهم كانت بالترهيب لا بالترغيب، وبالإعنات، لا بالتوسعة، مما اضطره أن يكتب إلى أبي الفرج نائب وزير نيسابور- بعد أن عرض عليه انقطاعه إلى السامانّيين-: «فهمت ما ذكر الشيخ في كتابه ... ذكر الشيخ أني لو اقتصرت على خدمة الأمير، وعلى منادمة الوزير لمالت الصروف عن جانبي ناكبه، وولّت الخطوب عنّي هاربة ... مثلي أيّد الله تعالى
_________
[٩٤] اليتيمة ٤: ٢٠٨.
[٩٥] ينظر رسائله: ٣٥.
[٩٦] ينظر الكامل ٧: ١٠٧- ١٠٨.
1 / 30