2
الخضراء، وبين يديه وصائف حسان، كأنهن الياقوت والمرجان، وحوله غلمان كالدنانير.
وكان القصر فخما فاتنا يتألق، قد أبدع فيه صانعه، فحلى جدرانه بصفائح الذهب والفضة والجواهر النفيسة، والألوان الجذابة، والنقوش الدقيقة. وله قبة خضراء تسمو متلألئة في السماء إلى ثمانين ذراعا، كأن الثريا عرست فيها، أو كأن البدر شد في أعاليها.
وقد شاده المنصور في وسط بغداد بالقرب من دجلة بحيث يشرف على سائر أحياء المدينة، وأقام في منتهى قبته فارسا يحمل رمحا يتجه نحو مهب الريح أينما كانت. ثم بنى قصر الخلد، وجعله مقر الخلافة، وكان يسكنه هو وخلفاؤه من بعده. أما قصر الذهب فقد نزله إبراهيم بن المهدي بعد أبيه وجده. وكان إلى جمال بنائه وروعة زخارفه تحيط به الخمائل الغناء، والحدائق الفيحاء، وتعمره الجواري الحسان، وأنغام البلابل والغزلان.
ويعيش فيه إبراهيم في هناءة الحياة الذهبية السعيدة التي عاشها خلفاء بني العباس وأمراؤهم في أوج مجدهم وذروة عظمتهم وضخامة ثروتهم، وكأنما كانوا يحيون في غرف الجنان.
وكان إبراهيم بن المهدي رفيع المنزلة، نبيه الذكر، شريف القدر، زانه الشباب فزاده حسنا وإحسانا. وبسط الله له في جمال الجسم، وحلاوة الصوت، وعذوبة النفس، ودقة الحس، والنبوغ في فني الأدب والطرب، وكان له طلعة سمراء جذابة تتهلل بالملاحة والظرف والنبالة. •••
مكث إبراهيم في شرفة القصر يتأمل ساعة من الزمان تأمل المفكر الفنان، ويستمتع بالرياض المنبسطة في الحدائق الغناء وعلى ضفة النهر كأنما هي رياط
3
السندس أو مدنرات
4
Shafi da ba'a sani ba