18
والحكم لتظل له الكلمة الأولى.
ثم تذكر كيف أنه عيل صبره ولم يستطع أن يظل في منصب القضاء؛ لأنه رثى للشعب المسكين الذي رآه يساق كالغنم، ويضرب كالبقر، ويطوع كالخيل؛ لتكمل مشيئة الأمير. وإذا بان حق في غير الجانب الذي يؤيده المير، فذلك الحق محكوم عليه بالإعدام.
إن الشريعة في فم الأمير، وما القاضي إلا منفذ لإرادته. فما استطاع الخضوع لهذا الطغيان، ولا التغلب على صوت ضميره الذي كان يدعوه إلى مناصرة الحق، والعمل بروح العدالة.
ثم تنهد وقال: نحن أبناء بيت كان ضحية الإقطاعية، كادوا لعمي من قبلي فحطوه عن البطركية، ولكنه صبر فظفر.
قد يكونون هم الذين أوصلوني إلى ما وصلت إليه من شقاء وتعاسة وتعب بال. أما كنت أميرا في ظل المير؟
أما كنت صاحب الكلمة الأولى بعد سعادته؟
ثم زفر زفرة حرى وقال: ضاعت ...
وكأن الحقيقة التي انتدبته للنضال عنها قد تراءت له في تلك الساعة العصيبة فصاح: لا لا لا. إن راحة الضمير خير من راحة الجسم.
نعم غلبنا وشتتنا في العاميتين، في عامية انطلياس وفي عامية لحفد، إلا أننا نظل نجاهد حتى نقضي على سياسته الغاشمة، على حبه السيادة الذي هون عنده امتصاص دم الشعب. كل حال يزول، حتى حكم المير بشير بالرغم من جبروته
Shafi da ba'a sani ba