ثم رأى أن يغتنم هذه الفرصة لنيل البغية التي يسعى إليها أعداء العباسيين فقال: «وهل يظن مولاي أن فرار بهزاد خير له من بقائه هنا؟»
قال: «إن فراره ينجيه من أيدينا، هل ترى غير ذلك؟»
ففتح الكتاب وقلب صفحتين وقرأ ثم قال: «لكنه ذاهب لنصرة رجل كبير في خراسان .»
فأدرك الفضل أنه يعني المأمون فقال: «لا فائدة من نصرته وهو بعيد.»
قال: «أرى ذلك الرجل الكبير صاحب سلطان خوله إياه أمير المؤمنين، وقد يحاربه إن لم يتلاف أمره ويقص جناحيه.» وقد أراد سلمان أن يحرض الفضل على خلع المأمون من ولايته على خراسان ليتسع الخرق بين الأخوين فتسنح الفرصة للطامعين. •••
والتفت الفضل إلى ابن ماهان فرآه ينظر إليه مستفهما، وفي نظرته دليل الموافقة على تحريض الأمين على خلع أخيه، وكان الفضل أكثر رغبة في ذلك لما يعلمه من حقد المأمون عليه لمساعيه ضده، ولكنه تجاهل وأراد تغيير الحديث فقال: «بورك فيك يا ملفان.» ثم التفت إلى ابنه وقال: «لقد أسأنا إلى رئيس المنجمين إذ أسأنا الظن به، وأخشى أن نكون قد فرطنا في الأمر!»
فقال ابن الفضل: «كنت واثقا بالملفان، ولكنك حملتني على الشك فيه حتى فعلنا ما فعلناه.»
ولم يكن الملفان عالما بما فعله الفضل من إرساله إلى دنانير يطلب ميمونة فنظر إلى الفضل وقال: «أرجو ألا يكون فيما فعلتموه ضرر.»
فقال ابن الفضل: «إنما أسأت بك الظن لما رأيته من إنكارك المكان الذي تقيم فيه الفتاة، ثم علمنا من جواسيسنا أنها في قصر المأمون فكتبت إلى قهرمانته أطلب إرسالها إلينا فأساءت الجواب وردت الرسول خائبا، فأرسلنا إليها جندا يأتون بها قهرا!»
فشق على سلمان ما قد يصيب الفتاة من الأذى، ولكنه تجاهل وقال: «إنني لم أخف على مولانا (وأشار إلى ابن الفضل) مكانها، ولكنني ذكرت له أنها خرجت من المدائن، ولم تكن نزلت بالقصر المأموني بعد، ولو سألني بعد نزولها لأخبرته بمكانها. وكنت عازما على أن أحملها إليه بالحسنى مستعينا بهذا الكتاب، فليته لم يعجل بالأمر.» قال ذلك وقد ساءه ما تصوره من الغلظة التي يأتونها في هذا السبيل.
Shafi da ba'a sani ba