فاستغربت تعريضها وقالت: «ماذا تعنين؟»
قالت: «لا تخافي يا ميمونة، إن جدتك غائبة الآن فلا تكتمي. على أن تكتمك لا ينفعك، وأنا قهرمانة خبرت الزمان وقرأت الكتاب من عنوانه.»
فتوهمت ميمونة أنها تشير إلى ذلك الكتاب، فقالت: «وأي كتاب تعنين؟» وبدا الارتباك في وجهها.
فقالت: «لا أعني كتابا مرقوما.» وتحولت إليها بجملتها وقالت: «إنما أعني أن دلائل الحب لا تخفى على أحد، وقد عرفت حبك بهزاد من أول نظرة، ويسوءني أنه سافر قبل أن ...» وأومأت بجفنها.
فخجلت ميمونة من ذلك الإيماء ولكنها سرت لبقاء أمر الكتاب مكتوما عنها، وهان عليها مكاشفة دنانير بحبها - وفي المكاشفة راحة للمحبين إذا وثقوا من كتمان حبهم - فابتسمت وأطرقت.
فاستبشرت دنانير وهي إنما تلتمس ذلك منها لتشاركها السعي في نيل مطلوبها، فألقت يدها على كتفها وأشارت إليها أن تقعد، فقعدت وهي تلاطفها وتهش لها لتجرئها على أن تبوح، ثم قالت: «سامح الله طبيبنا، كيف سافر قبل أن يتم العقد؟ لا تخجلي يا ميمونة؛ فإنك تحبينه حبا طاهرا ولا شك أنه يحبك أيضا، وهو من خيرة الشبان، لا حرمك الله منه.»
فتجرأت ميمونة على الكلام وقالت : «وهل الحب عيب يا خالة؟»
قالت: «معاذ الله! لم أقل ذلك. فلا يصعب عليك فراقه؛ فإنه لا يلبث أن يعود فلا تجزعي.»
فتنهدت وسكتت وسرورها باد ثم قالت: «إني يتيمة مسكينة، فلعل الله نظر إلى ذلي فأراد رفعي، ولا غنى لي عن عونك لأني في حماك.»
قالت: «إنك مولاتي وبنت مولاتي، ولا أنسى فضل أبيك رحمه الله، فأيقني أني عون لك على كل ما تريدين. وهذه مولاتنا زينب قد أحبتك واستأنست بك.»
Shafi da ba'a sani ba