فعجب ابن الفضل لمعرفته إياه، ولكنه شغل عن ذلك برغبته في الاطلاع على الخبر، ونظر إلى ابن ماهان فالتفت هذا إلى الملفان وقال: «أرى دعواك عريضة، فقل ما عندك لنرى؛ فإذا صدقت ضمنا لك التقرب من مولانا.»
فقال: «إن التقرب من أمير المؤمنين نعمة وما نحن إلا عبيده.»
فاستغرب قوله: «أمير المؤمنين.» فقال: «كيف تدعوه أمير المؤمنين وغاية علمنا أنه ولي العهد؛ فهب أن الرشيد مات، فهل تصير الخلافة إليه؟»
قال: «بل قد صارت له وحده وقضي الأمر!»
فعلم إذ ذاك أنه يعرف شيئا جديدا فقال: «له وحده؟ وكيف ذلك؟»
فأشار بأصبعه إلى ابن الفضل وقال: «بسعي مولانا الفضل الوزير.»
فتطاولت أعناقهم لسماع الخبر، والهرش على رأسهم وابتدره قائلا: «ذلك شيء جديد علي فاقصص علينا ما علمت.»
فاعتدل في مجلسه وأخذ يقص عليهم ما سمعه من بهزاد وكأنه يقرأ في صحيفة بين يديه، والكل صامتون وقلوبهم تخفق دهشة واستغرابا، ولا سيما ابن الفضل؛ فإنه ازداد افتخارا بما أتاه أبوه للأمين، وكان قد اطلع على مقدمات من قبل، فلما سمع النتائج التي رواها سلمان تحقق صدقها، ودهش ولم يتمالك أن دنا منه وربت على كتفه استحسانا وإعجابا وقال: «بورك فيك، إنك منجم عجيب!»
أما ابن ماهان فأمسك عن الإعجاب، وقال: «هل أنت واثق مما تقول؟»
فقال: «هذا ما كشفه لي المندل ولم أعهده يخدعني من قبل.»
Shafi da ba'a sani ba