فضحك والاهتمام باد في عينيه وقال: «لا يستغنى عن المنجمين في مثل هذه الحال، لا سيما إذا صدقوا في تنبئهم.» ثم وجه خطابه إلى سلمان وقال: «هل كشف لك شيء يهمنا أمره يا ملفان؟»
فقال مستخفا: «ربما كان ذلك.»
فتدخل الهرش وقال: «إن الخبر الذي تتسارون به كشف لنا منذ ساعات!»
فتجاهل ابن ماهان وقال: «أي خبر تعني؟»
فأشار الهرش إلى سلمان ففهم مراده فقال: «ليس موت الرشيد جديدا عندي، ولا أقنع به وحده؛ فلو أني عملت المندل هذه الليلة لرأيت ...»
فبغت ابن ماهان ونظر إلى صاحب البريد كأنه يستعينه، فتصدى ابن الفضل للسؤال وقال: «وهل من خبر غير موت الرشيد؟»
قال: «إن الرشيد رحمه الله كان مريضا قبل سفره، وكنا كلنا نتوقع موته، لكن المندل كشف لي أمورا إذا وعدتموني بكتمانها عن مولانا الأمين حتى يعرفها من غيري قلتها لكم.» قال ذلك وهو يرمي إلى أن يجعلهم يفشونها؛ وكذلك يفعل أهل الدهاء إذا أحبوا نشر مأثرة لهم فإنهم يتظاهرون بكتمانها ويبالغون في الحذر من نشرها بغية إذاعتها.
فلما أحس ابن الفضل تكتمه ازداد رغبة في الاطلاع على ما عنده وقال: «إذا كنت تعرف شيئا جديرا بالاهتمام فإن اطلاع مولانا الأمين عليه يدعو إلى رفع مقامك. وماذا عسى أن يكون لديك؟»
فقال: «اطلعت على سر يهم ابن الفضل أكثر من غيره.» فزحف ابن الفضل نحوه وقال: «وما ذلك؟ وكيف يهم ابن الفضل خاصة؟» قال ذلك وهو يظن أن الملفان لا يعرفه.
فقال سلمان: «إن الخبر يهم ابن الفضل لأنه يمس أباه الوزير؛ أي أباك.»
Shafi da ba'a sani ba