قال: «لم يقع اختياري على سواك، ويدلك على ذلك ثباتي في حبك رغم ما تظهرين من النفور. ألم يأن أن تتعطفي؟»
فتحولت عنه وقالت: «دعني يا رجل.»
فنهض وقال مهددا: «قلت لك إذا ظللت على هذا الجفاء عاملتك بالقسوة ولو شق علي ذلك.»
قالت وهي لا تنظر إليه: «لا تستطيع شيئا ونحن في قصر أمير المؤمنين.»
قال: «إني أستطيع حملك بالقوة؛ فإن معي فرقة من الجند وبيدي أمر من أم الخليفة.»
وكانت جدتها جالسة تسمع ما يدور بينهما فصاحت قائلة: «كنت أحسبك شهما يؤثر فيك الكلام. أما كفاك ما سمعته؟ دع الفتاة وشأنها. ولو كنت مكانك وعلمت أنها لا تحبني لتركتها وشأنها.»
قال: «يشق علي أن أفشل بعد الصبر الطويل؛ فإني أريد الآن أن أعلمها من أنا وأن مثلي لا يعامل هكذا وفي بغداد مئات من بنات الأمراء والقواد يتمنين رضاي.» والتفت إلى ميمونة وقال: «ارجعي إلى صوابك وثقي بأني أنصح لك فلا تلجئيني إلى القوة، إن فرقة من العيارين في انتظار أمري خارجا.»
فضاقت نفسها وتململت وصاحت: «ويلاه! أين الجند؟ أين الحرس؟» فنهضت جدتها وقالت لابن الفضل: «اكفنا أيها الشاب شرك ودعنا وشأننا. إذا كنت تعرف من نحن فاشفق علينا وكفانا ما قاسيناه من البلاء.»
وفيما هم في ذلك سمعوا جلبة في الدار، فظنت ميمونة أن العيارين دخلوا للقبض عليها فصاحت: «ويلاه يا ربي! إذا لم يكن قد انتهى حبل مصائبي فخذ روحي.» وطفقت تبكي ولم تتمالك لاضطرابها ولهفتها أن صاحت: «أين سلمان؟ أين بهزاد؟ أواه ما أشقاني!» وكانت جدتها في أثناء ذلك واقفة إلى جانبها تهون عليها والدموع تتساقط من عينيها.
أما ابن الفضل فعلم أن الضوضاء ليست من العيارين، فخرج ليرى سببها فسمع الخدم يقولون: «السيدة زبيدة أتت.»
Shafi da ba'a sani ba