77

Amin Rihani

أمين الريحاني: ناشر فلسفة الشرق في بلاد الغرب

Nau'ikan

ألوان الغروب، وألوان الفجر، وألوان الليل السرية، لها كلها أفق واحد عندي، وبسماء واحدة.

من الأخضر الناضر لذي النبوة التي تزرع الثريا بذورها، إلى الأصفر الفاقع لذي السر الذي يخلع العذر والعذار، إلى الأحمر القاني الذي إرادته لا تذعن لبشر أو جن، إلى الأزهر الباهر لخيال يسحر الساحرين بيانا!

هذا سلم من النفسيات لا تجده عند سواي.

وهناك الأرجوان لسفاهة تجلس على العرش، والزعفران لمجد هوت عروشه، والجلنار يتماوج ظلالا حول عرش الأهواء والشهوات.

والرماد المنتثر لما كان في سماء الفكر كوكبا نيرا، والأسود القائم لدمقراطية شابة تحمل عصا التأديب، والأبيض الناصع لمصرية تحمل غصنا من النخيل.

كلها تمتزج في آفاق نفسي، وتذوب في سماء آمالي، وتستحيل خمرا في كأسي.

أجل! إن خمر الأجيال الغابرة، وخمر الأجيال الحاضرة، التي لم يحسن تصفيتها الزمان لتملأ الكأس التي أشربها كل يوم؛ فتعيد إلي روح النبوة القديم المجيد، وتثير في ألم الذكرى، وتجدد في حب الجهاد. (6) الحفلة السادسة في سراي آل لطف الله الكرام في قصر الجزيرة

لبى دعوة حضرة الأمير ميشيل بك لطف الله، في الساعة الرابعة من مساء اليوم «13 فبراير سنة 1922»، لتناول الشاي في قصر الجزيرة، نحو مائتي أديب ووجيه من المصريين والسوريين، وفي مقدمتهم حضرات أصحاب السعادة والفضيلة والعزة: محمد باشا شكري، وكيل الحقانية السابق، وأمير الشعراء أحمد بك شوقي، والسيد مصطفى الإدريسي، والشيخ محمد شاكر، ومحمود باشا عزمي، وأحمد باشا زكي، وصادق باشا يحيى، وسعيد باشا شقير، وحلمي بك عيسى، وإدوار باشا إلياس، ويوسف باشا مسرة، والشيخ الكاظمي، والسيد رشيد رضا، والدكتور محجوب بك ثابت، وطعان بك العماد، وحبيب بك دبانة، وميشيل بك أيوب، وبعض أصحاب الصحف العربية والإفرنجية وكتابها، وكثيرون آخرون من رجال العلم والأدب، وأولي الوجاهة والفضل. وكان الأمير ميشيل بك وشقيقاه الأميران حبيب بك وجورج بك يرحبون بالمدعوين، ويبالغون في إكرامهم ومؤانستهم.

ولما تكامل عقد المدعوين أخذ مصور اللطائف المصورة صورتهم الشمسية، ثم دعوا إلى القاعة الكبرى حيث مدت موائد الشاي، وقد حوت كل ما لذ وطاب من أنواع الحلوى والفاكهة والخشاف، فأموها أفواجا.

وبعد ذلك وقف حضرة ميشيل بك لطف الله، صاحب الدعوة، ورحب بالمدعوين جميعا؛ لتلبيتهم دعوته، وتشريفهم منزله، وذكر فضل المهاجرين من الشرقيين الذين يقصدون المهاجر، ويستعملون مواهبهم في طلب الكسب والعلى، ولكنهم لا ينسون وطنهم، بل يعملون على خدمته في غربتهم، ويقفون على ذلك أقلامهم ومجهوداتهم، وينشرون فضل الشرق في الغرب، ويحيون لغتهم فيه، ويطلعونه على ما في لغتنا الشريفة من علم وفلسفة وأدب. ومن هؤلاء المهاجرين المجاهدين اثنان يحضران هذه الحفلة معنا الآن، فأعرفكم بهما؛ وهما: طعان بك العماد وأمين أفندي الريحاني، نزيلا أميركا، ثم ذكر ما لهما من الفضل والجهد في خدمة الوطن، وما بين مصر وسورية من الإخاء، وكرر الشكر للحاضرين.

Shafi da ba'a sani ba