Amin Rihani
أمين الريحاني: ناشر فلسفة الشرق في بلاد الغرب
Nau'ikan
ولكني وإياكم في دائرة واحدة، وإن تعددت طبقاتها، وعلي كما عليكم مسئولية واحدة، وإن تعددت أسبابها، فالأدب الحق إنما هو دين هذا الزمان، والأدباء الحقيقيون هم كهنته وأئمته.
وبما أن الأدباء المصريين والسوريين هم الحلقة التي تصل الشرق بالغرب؛ فالمسئولية عليهم أشد منها على سواهم، ولا بد من هذا الاتصال، يا سادتي؛ لأن عوامل التضامن اليوم، اقتصادية كانت أو علمية، أشد منها في كل زمان، ولا تستطيع أمة أن تستغني تماما عن بقية الأمم.
أما الصلة القوية الدائمة، الصلة الذهبية الصافية، فلا ينبغي أن تكون سياسية ولا دينية، بل أدبية علمية فلسفية، واقتصادية أيضا؛ فمن مدنية الغرب تجيئنا مثلا العلوم الكونية الحديثة، وإلى مدنية الغرب نتقدم نحن الشرقيين بالحي السليم الدائم من علومنا الروحية. وإن في مثل هذا التبادل الرقي الحقيقي، بل فيه تصل الأمم إلى أعلى درجات التمدين.
ومن جهة خصوصية، أرى أن على الأدباء السوريين مسئولية كبيرة تجاه الكمالات العقلية والاجتماعية. والحق يقال: إن أدبنا يظل ناقصا إذا كان لا يمزج بشيء من الأدب الإسلامي، والعكس بالعكس؛ فإن الآداب الإسلامية العربية لا تستمر حية نامية، عزيزة راقية، إلا إذا امتزجت بشيء من الآداب الإفرنجية. وفي هذا الامتزاج، يا سادتي، كنه الحياة الجديدة التي ستكفل للأمم الشرقية استقلالها التام، وترفع شأنها بين الأمم المتمدنة. (3) الحفلة الثالثة في منزل برسوم أفندي روفائيل وحضرة السيدة قرينته صاحبة مجلة المرأة المصرية
أقام بعد ظهر الاثنين «6 فبراير سنة 1922» حضرة الأديب برسوم أفندي روفائيل، وحضرة السيدة قرينته، بلسم عبد الملك، الكاتبة الشهيرة وصاحبة مجلة «المرأة المصرية»، حفلة شاي، في منزلهما بشارع العزيز بشبرا؛ تكريما لحضرة الكاتب الفاضل أمين أفندي الريحاني، فلبى دعوتهما فريق من رجال الفضل والأدب، وحملة الأقلام وأرباب الصحف العربية.
ولما كمل عقد المدعوين دعوا إلى تناول الشاي، فجلسوا إلى مائدة مزينة بالأزهار والرياحين، وعليها ما لذ وطاب، فأكلوا هنيئا، وشربوا مريئا. ونهض حضرة الدكتور منصور فهمي، وخاطب حضرة المحتفل به بكلمات طيبة، ثم وقف رب الدار وألقى كلمة بليغة خاطب المحتفل به، وأبان ما له من الأيادي البيضاء في خدمة العلم والأدب؛ فقوبلت بالتصفيق.
وعقبه حضرة الأستاذ الريحاني أفندي، وبعد أن شكر الداعين والمدعوين تكلم عن المرأة وما لها من التأثير الحسن في تربية أولادها، مما لا يلقن في المدارس ولا يجمع في كتاب، وشرح كيف أن الطفل في الحقيقة هو مربي الأم؛ فقوبلت أقواله بالإعجاب. ثم انتقل المدعوون إلى قاعة الاستقبال وجلسوا يتجاذبون أطراف الأحاديث - والحديث شجون - وانصرفوا وهم يثنون على حضرة برسوم أفندي والسيدة قرينته؛ لما لقوه من الترحيب والتكريم. (3-1) خطبة برسوم أفندي روفائيل
أستاذي الريحاني
إلى روحك الطيبة التي سطعت شمسها فيما وراء البحار في الدنيا الجديدة، وأرسلت أشعتها المحيية إلى وطنها الأول في الشرق، فبعثت روح الرجاء، وحركت العواطف النائمة من مراقد الغفلة، نرفع تحية عاطرة خالصة، ونرحب بك ترحيب الشرقي بأخيه الشرقي، وأنت في وطنك الثاني «مصر» بين إخوان تجمعهم وإياك صلات الأدب وصلات الوطن أيضا.
فقد كانت مصر وسوريا أختين في حياتهما الطويلة، وطالما اجتمعتا وتفرقتا واحتملتا آلام الشقاء، ومازالت توجد بينهما اللغة والعواطف والتذكارات التاريخية التي لا تمحى.
Shafi da ba'a sani ba