والتخفيف فقال: أَمَرْنا (١) فلن يخرج معنى قراءتيهما عن الوجوه التى ذكرناها (٢)؛ إلا الوجه الأول؛ فإنّ معناه لا يليق إلا بأن يكون ما تضمنته الآية هو الأمر الّذي يستدعى به الفعل (٣).
تأويل خبر [من تعلّم القرآن ثم نسيه لقى الله تعالى وهو أجذم]
روى عن النبي ﵌ أنّه قال: «من تعلّم القرآن ثم نسيه لقى الله تعالى وهو أجذم».
قال أبو عبيد القاسم بن سلّام (٤) مفسّرا لهذا الحديث فى كتابه غريب الحديث: الأجذم:
المقطوع اليد، واستشهد بقول المتلمّس (٥):
وما كنت إلا مثل قاطع كفّه ... بكفّ له أخرى فأصبح أجذما
وقد خطّأ عبد الله بن مسلم بن قتيبة (٦) أبا عبيد فى تأويله هذا الخبر وقال: الأجذم وإن
_________
(١) هى قراءة شاذة أيضا، عن خارجة عن نافع؛ (وانظر المصدر السابق).
(٢) حاشية الأصل: «قوله أمرنا، بالتشديد: كثرنا، وآمرنا، بالتخفيف: جعلناهم أمراء؛ وإن شئت فالعكس من ذلك، والصحيح العكس».
(٣) ت، د، حاشية الأصل (من نسخة):
«يستدعى به إلى الفعل».
(٤) هو أبو عبيد القاسم بن سلام، اللغوى الفقيه المحدث، ولد بهراة، ثم ذهب إلى بغداد، ودرس بها الأدب والحديث والفقه، وولى القضاء بطرسوس؛ وخرج منها إلى مكة، وسكنها حتى مات سنة ٢٢٤.
وكتابه غريب الحديث جمع فيه ما فى كتب أبى عبيدة وقطرب والأخفش والنضر بن شميل، وذكر أحاديث كل رجل من الصحابة على حدة. قال ابن الأثير: «جمع كتابه المشهور فى غريب الحديث والآثار، الّذي صار أولا؛ وإن كان أخيرا؛ لما حواه من الأحاديث والآثار الكثيرة والمعانى اللطيفة والفوائد الجمة؛ فصار فيه القدوة فى هذا الشأن، أفنى فيه عمره؛ حتى إنه قال فيما يروى: إنى جمعت كتابى هذا فى أربعين سنة، وهو كان خلاصة عمرى». ومنه نسخة مصورة بدار الكتب المصرية منقولة عن نسخة مخطوطة بمكتبة كبرى لى بالآستانة. (وانظر إنباه الرواة ٣: ١٢ - ٢٣، والنهاية لابن الأثير ١: ٤ - ٥.
وكشف الظنون ١٢٠٤).
(٥) هو جرير بن عبد المسيح الضبعى، والبيت من قصيدة له أولها:
يعيّرنى أمّى رجال ولا أرى ... أخا كرم إلّا بأن يتكرّما
وهى فى (ديوانه ١٦٩، والأصمعيات ٦٤ - ٦٥، ومختارات ابن الشجرى ٢٨ - ١٩)؛ وخبر القصيدة فى (الخزانة ٤: ٢١٥ - ٢١٦).
(٦) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى، ولد ببغداد ونشأ-
1 / 5