بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على السيد الكريم محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وآله الصراط المستقيم، الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
المجلس الأول مجلس يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة، بمدينة السلام في الزيارين (1) في درب رباح (2)، منزل ضمرة أبي الحسن علي بن محمد ابن عبد الرحمن الفارسي (3) أدام الله عزه بإملائه من كتبه.
1 - حدثنا الشيخ الأجل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله حراسته وتوفيقه في هذا اليوم، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار،
Shafi 1
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن ابن حماد (1)، عن أبي جميلة، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد الباقر، عن أبيه عليهما السلام، قال: إن الملك الموكل بالعبد يكتب في صحيفته (2) أعماله، فأملوا [في] أولها [خيرا] و [في] آخرها خيرا يغفر لكم ما بين ذلك (3).
2 - قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير الكوفي (4) إجازة، قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن محمد بن يحيى (5) أخي مغلس، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام: قال: قلت له: إنا نرى الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع، فهل ينفعه ذلك شيئا؟.
فقال: يا محمد إنما مثلنا أهل البيت مثل (6) أهل بيت كانوا في بني
Shafi 2
إسرائيل، وكان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فأجيب، وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريم عليه السلام يشكو إليه ما هو فيه، ويسأله الدعاء له. فتطهر عيسى وصلى ثم دعا فأوحى الله إليه:
يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه، إنه دعاني وفي قلبه شك منك، فلو دعاني حتى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله (1) ما استجبت له .
فالتفت عيسى عليه السلام فقال: تدعو ربك (2) وفي قلبك شك من نبيه؟ قال:
يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت، فاسأل الله أن يذهب به عني، فدعا له عيسى عليه السلام، فتقبل الله منه وصار في حد أهل بيته، كذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا (3).
3 - قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير، قال: حدثنا محمد بن علي ابن مهدي، (4) قال: حدثنا محمد بن علي بن عمرو، قال: حدثنا أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني (5) على
Shafi 3
أمير المؤمنين [علي بن أبي طالب] عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأود في مشيته، ويخبط الأرض بمحجنه (1)، وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام وكان له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث؟ فقال: نال الدهر يا أمير المؤمنين مني، وزادني أوارا و غليلا (2) اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك (3)، فمن مفرط منهم غال (4)، ومقتصد تال (5)
Shafi 4
من متردد مرتاب (1)، لا يدري أيقدم أم يحجم (2)؟ فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط (3)، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي، فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي وأمي الرين (4) عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا (5). قال عليه السلام: قدك (6) فإنك امرؤ ملبوس عليك.
إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق (7)، فاعرف الحق تعرف أهله.
يا حار [ث] (8) إن الحق أحسن الحديث، والصادع (9) به مجاهد، وبالحق أخبرك، فأرعني سمعك (10) ثم خبر به من كان له حصافة (11) من أصحابك.
Shafi 5
ألا إني عبد الله، وأخو رسوله، وصديقه الأول، صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون ونحن الآخرون، ونحن خاصته يا حار [ث] وخالصته، وأنا صنوه (1) ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره. أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب، وعلم القرون والأسباب (2)، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف [ألف] عهد، وأيدت واتخذت (3)، وأمددت بليلة القدر نفلا (4)، وإن ذلك يجري لي ولمن استحفظ من ذريتي (5) ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وأبشرك يا حار [ث] لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة.
قال الحارث: وما المقاسمة [يا مولاي]؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه. ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته يعني عصمته من ذي العرش تعالى وأخذت أنت يا علي بحجزتي وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بححزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه؟ وما يصنع نبيه بوصيه (6)، خذها إليك يا حارث قصيرة
Shafi 6
من طويلة (1) نعم أنت مع أحببت ولك ما اكتسبت، يقولها ثلاثا، فقام الحارث يجر رداءه وهو يقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح: وأنشدني أبو هاشم السيد الحميري (2) رحمه الله فيما تضمنه هذا الخبر:
قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا (3) يا حار (4) همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا (5) يعرفني طرفه وأعرفه * بنعته واسمه وما عملا وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله (6) في الحلاوة العسلا أقول للنار حين توقف للعرض * دعيه لا تقربي (7) الرجلا دعيه (8) لا تقربيه إن له * حبلا بحبل الوصي متصلا (9)
Shafi 7
4 - قال: أخبرني الشريف الزاهد أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري (1) رحمه الله قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم (2)، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أربعة من كنوز البر، كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان المرض، وكتمان المصيبة (3).
Shafi 8
5 - قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد (1)، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن زين العابدين علي ابن الحسين عليهما السلام قال: من أطعم مؤمنا من جوعه (2) أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمنا ثوبا كساه الله من الثياب الخضر، ولا يزال في ضمان الله عز وجل ما دام عليه منه سلك.
6 - قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان (3)، عن عامر بن معقل (4) عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: يا أبا حمزة لا تضعوا عليا دون ما رفعه الله، ولا ترفعوا عليا فوق ما جعله الله، كفى عليا أن يقاتل أهل الكرة وأن يزوج أهل الجنة (5).
Shafi 9
7 - قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن خالد الميثمي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن المستنير [قال: حدثنا الحسين بن محمد بن الحسين بن مصعب (1)] قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء (2)، عن أبي مريم الخولاني، عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال: من تابع هؤلاء الخمس ثم مات وهو يحبك فقد قضى نحبه (3)، ومن مات وهو يبغضك فقد مات ميتة جاهلية يحاسب بما يعمل في الإسلام (4)، ومن عاش بعدك وهو يحبك ختم الله له بالأمن والإيمان حتى يرد علي الحوض.
Shafi 10
8 - قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من خطوة أحب إلى الله من خطوتين: خطوة يسد بها [مؤمن] (1) صفا في سبيل الله، وخطوة يخطوها [مؤمن] (2) إلى ذي رحم قاطع يصلها، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعتين: جرعة غيظ يردها مؤمن بحلم (3)، وجرعة جزع يردها مؤمن بصبر، وما من قطرة أحب إلى الله من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمع في سواد الليل من خشية الله.
9 - قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (4)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن ربعي بن عبد الله، والفضيل بن يسار (5)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال: أنظر قلبك فإن أنكر صاحبك فقد أحدث أحدكما (6).
Shafi 11
10 - قال: أخبرني الشريف الزاهد أبو محمد الحسن بن حمزة، قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمرو الأفرق (1) وحذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقريب بينهم إذا تباعدوا.
11 - قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد الحسن، عن أبيه، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي قال: قال حماد بن عيسى: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: جعلت فداك ادع الله أن يرزقني ولدا ولا يحرمني الحج ما دمت حيا، قال: فدعا لي فرزقني الله ابني هذا، وربما حضرت أيام الحج ولا أعرف للنفقة فيه وجها، فيأتي الله بها من حيث لا أحتسب.
12 - قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام (2)، عن عمرو بن جميع، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: من جاءنا يلتمس الفقه والقرآن والتفسير فدعوه، ومن جاءنا يبدي عورة قد سترها الله (3) فنحوه. فقال له رجل من القوم: جعلت فداك أذكر حالي لك؟ قال: إن شئت، قال: والله إني لمقيم على ذنب منذ دهر، أريد
Shafi 12
أن أتحول منه إلى غيره فما أقدر عليه. قال له: إن تكن صادقا فإن الله يحبك، وما يمنعك من الانتقال عنه إلا أن تخافه (1).
المجلس الثاني يوم الأربعاء لخمس خلون منه (2)، قال الشيخ الأجل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم.
1 - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمر الزيات، قال، حدثني علي بن إسماعيل (3)، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدثنا الحسين الأشقر (4)، قال:
حدثنا قيس، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله وهو يحبنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفتنا (5).
Shafi 13
2 - قال: حدثني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي (1)، قال: حدثني إسحاق بن محمد قال: حدثنا زيد بن المعدل (2)، عن سيف بن عمر، عن محمد بن كريب، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الأمر، فإنه نظام الإسلام (3).
3 - قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سالم، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن عيسى العجلي قال: حدثنا مسعود بن يحيى النهدي (4)، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبيه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراد أن ينظر إلى آدم في خلقه (5)، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
4 - قال: أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني (6)، قال: حدثنا
Shafi 14
محمد بن الحسين الجوهري قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: أخبرني علي بن صالح قال: حدثني عبد الله بن مصعب، عن أبيه قال: حضر عبد الله بن عباس مجلس معاوية بن أبي سفيان، فأقبل عليه معاوية فقال: يا ابن عباس إنكم تريدون أن تحرزوا الإمامة كما اختصصتم بالنبوة؟!
والله لا يجتمعان أبدا، إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنكم تقولون: نحن أهل بيت النبي [ص] فما بال خلافة النبوة في غيرنا؟ وهذه شبهة لأنها تشبه الحق وبها مسحة من العدل، وليس الأمر كما تظنون، إن الخلافة تتقلب (1) في أحياء قريش برضى العامة وشورى الخاصة، ولسنا نجد الناس يقولون: ليت بني هاشم ولونا، ولو ولونا كان خيرا لنا في دنيانا وأخرانا. ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون ما قاتلتم عليها اليوم، و والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم.
فقال ابن عباس رحمه الله: أما قولك يا معاوية: إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة فبم يستحق (2)
Shafi 15
وأما قولك: إن الخلافة والنبوة لا يجتمعان لأحد، فأين قول الله عز وجل: " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " (1) فالكتاب هو النبوة، والحكمة هي السنة، والملك هو الخلافة، فنحن آل إبراهيم، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة.
وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة، فليس كذلك، وحجتنا أضوء من الشمس، وأنور من القمر، كتاب الله معنا وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فينا، وإنك لتعلم ذلك ولكن ثنى عطفك وصعرك (2) قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك ، فلا تبك على أعظم حائلة، وأرواح في النار هالكة، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك، وأحلها الكفر، ووضعها الدين.
وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا، وعدولهم عن الاجماع علينا (3)، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله.
وأما افتخارك بالملك الزائل الذي توصلت إليه بالمحال الباطل، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله. وما تملكون يوما يا بني أمية إلا ونملك بعدكم يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين.
وأما قولك: إنا لو ملكنا كان ملكنا أهلك للناس من ريح عاد و
Shafi 16
صاعقة ثمود (1)، فقول الله يكذبك في ذلك قال الله عز وجل: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (2) فنحن أهل بيته الأدنون [ورحمة الله خلقه كرحمته بنبيه خلقه] (3) ظاهر، والعذاب بتملكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان، و سيكون من بعدك تملك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الريح العقيم، ثم ينتقم الله بأوليائه ويكون العاقبة للمتقين (4).
5 - قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد القرشي إجازة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا الحسين بن نصر (5) قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا عبد الغفار بن القاسم، قال: حدثنا المنهال بن عمرو، قال: سمعت أبا القاسم محمد ابن علي ابن الحنفية (6) رضي الله عنه يقول: ما لك من عيشك إلا لذة تزدلف بك إلى حمامك، وتقربك إلى نومك، فأية أكلة ليست معها غصص؟ أو
Shafi 17
شربة ليست (1) معها شرق؟ فتأمل أمرك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود و الخيال المخترم (2). أهل الدنيا أهل سفر، لا يحلون عقد رحالهم إلا في غيرها.
6 - وبهذا الإسناد، عن أبي القاسم محمد بن علي ابن الحنفية رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا و يعرف حقنا (3).
7 - قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن مظفر الوراق (4)، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج (5)، قال: أخبرني الحسين بن أيوب من كتابه، عن محمد بن غالب، عن علي ابن الحسن (6)، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن أبيه، عن جده قال: إن الله جل جلاله بعث جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله أن يشهد لعلي بن أبي طالب عليه السلام بالولاية في حياته، و يسميه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبي الله صلى الله عليه وآله تسعة رهط (7)، فقال:
إنما دعوتكم لتكونوا شهداء الله في الأرض أقمتم أم كتمتم.
Shafi 18
ثم قال: يا أبا بكر قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقال: أعن أمر الله ورسوله؟ قال: نعم، فقام فسلم عليه بإمرة المؤمنين.
ثم قال: قم يا عمر فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقال: أعن أمر الله ورسوله نسميه أمير المؤمنين؟ قال: نعم، فقام فسلم عليه.
ثم قال للمقداد بن الأسود الكندي: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم، ولم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله.
ثم قال لأبي ذر الغفاري: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم عليه. ثم قال لحذيفة اليماني: قم فسلم على أمير المؤمنين، فقام فسلم عليه (1).
ثم قال لعمار بن ياسر: قم فسلم على أمير المؤمنين، فقام فسلم عليه، ثم قال لعبد الله بن مسعود: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقام فسلم عليه. ثم قال لبريدة: قم فسلم على أمير المؤمنين وكان بريدة أصغر القوم سنا فقام فسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما دعوتكم لهذا الأمر لتكونوا شهداء الله أقمتم أم تركتم (2).
8 - قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن المظفر، قال: حدثنا محمد بن جرير (3)، قال: حدثني أحمد بن إسماعيل، عن عبد الرزاق بن همام قال: أخبرنا معمر (4)، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس رحمه الله قال: نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: سيد في الدنيا وسيد في الآخرة.
Shafi 19
9 - قال: أخبرني أبو غالب الزراري (1)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: حدثنا صفوان، عن سيف التمار، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: سمعته يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تتقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسلوها (2) فإن صاحب الصغار هو صاحب الكبار.
المجلس الثالث مجلس يوم السبت لثمان خلون منه، حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم.
1 - قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني عبد الله بن إسحاق، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدثنا أبو قطن (3)، قال: حدثنا هشام الدستوائي (4)، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة (5)، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، وإذا لم يبق عالم اتخذ
Shafi 20