Launuka da Amsoshin Dan Adam
الألوان والاستجابات البشرية
Nau'ikan
عقدت الجمعية الأمريكية لعلم النفس في عام 1957 ندوة بعنوان: «الحرمان الحسي: حقائق تبحث عن نظرية» كانت معظم الأبحاث العلمية تركز عادة على عكس ذلك؛ إذ كانت بحثا عن الحقائق؛ فمن الممكن الاستشهاد «بحقائق» لا تعد ولا تحصى عن العزلة، لكن كيف للمرء أن يفهم من هذه الحقائق؟ كتب مارفين زوكرمان يقول: «إن تجربة الحرمان الحسي تمثل كابوسا للتجريبيين الذين يرغبون بشدة في مواقف تجريبية محددة ومحكمة جيدا.»
السبب الذي يجعلني أخصص وقتا كبيرا لتناول الحرمان الحسي هو أنني، بحكم عملي كاستشاري في الألوان، يطلب مني في كثير من الأحيان كتابة المواصفات المتعلقة بالإضاءة والألوان للمؤسسات التي توفر الإسكان أو الإقامة لمجموعات من الأشخاص؛ ما هو أفضل سبيل لضمان رفاهة وكفاءة هؤلاء الأشخاص؟ إن أي ملاحظات أو «حقائق» يمكنني جمعها هي بذلك ذات أهمية وقيمة مؤكدة بالنسبة لي.
إن المسافرين عبر الفضاء المنشغلين بالآلات وتلقي التعليمات اللاسلكية وما شابه ذلك ربما سيظلون منشغلين على قدر كاف يحول دون تأثرهم برتابة الكبسولة الفضائية المكتظة، إلا أن المسافرين الذين ليس أمامهم إلا فعل القليل من الأمور، أو لا يفعلون أي شيء، قد لا يجدون نهاية للضيق الذهني الذي ينتابهم. جميعنا تقريبا وجدنا أنفسنا مضطرين للبقاء في أحد الأماكن في يوم من الأيام؛ كالبقاء في قطار متوقف، أو عيادة الطبيب، أو في المطار، أو في الفندق في يوم مطير. ينفد الصبر خلال ساعات قليلة، لكن ماذا عن الأيام إن لم تكن الأسابيع؟
في إطار برنامج «تيكتايت»، أجرت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) سلسلة تجارب عن «تقييم صلاحية السكن»، فوضعت أسطوانتين عملاقتين على مسافة خمسين قدما تحت مياه جزر فيردين في المحيط الأطلنطي، وأقام بهما وسكنهما مجموعات مختلفة من الغواصين لفترات بلغت أربعة عشر يوما، وعشرين يوما، وثلاثين يوما. كانوا كلهم مؤهلين جيدا لتحمل هذه التجربة الشاقة، وخضعوا لاختبارات نفسية وسجلوا مستوى فوق المتوسط كمهندسين وأشخاص أذكياء. جميعهم كان لديهم واجبات لإنجازها لم تترك وقتا للعزلة أو للملل إلا بقدر قليل. أما الأمران اللذان كانوا يفتقدون إليهما إلى حد كبير، فكانا انعدام الأخبار وانعدام الخصوصية. كانوا يقضون كثيرا من وقت فراغهم في تبادل الأحاديث والاستماع إلى الموسيقى المسجلة على شرائط.
إن بعض التعليقات المقتبسة من تقرير أعده ديفيد ناوليس، وهاري إتش ووترس، وإدوارد سي فيرتس، الذين قاموا بمهمة خاصة تتمثل في إعداد تقرير عن صلاحية السكن في كبسولات ناسا، تعد وثيقة الصلة بهذا الموضوع. «لقد قال الغواصون على نحو واضح وعفوي في عدد من المقابلات إنهم أنفسهم كانوا متفاجئين من قلة شعورهم بالتوتر أثناء المهمة ... تركزت معظم الشكاوى حول مجال عام هو تصميم المسكن. وبصفة خاصة، كان الغواصون غير راضين عن تصميم المسكن على نحو أثر على أدائهم لمهماتهم ... وعلى الرغم من أن أفراد الطاقم قالوا إن الكتب كانت هوايتهم المفضلة، فإنهم لم يقضوا الكثير من الوقت في قراءتها.» ربما كان هذا نوعا من إعطاء الأجوبة المتوقعة! كان المشتركون في التجربة يفتقدون زوجاتهم وعائلاتهم. كانوا يحبون الموسيقى وأفلام التليفزيون، ولم يحبوا كثيرا الطهي، ولم يبد أنهم يفتقدون الهواء الطلق. ويستطرد التقرير فيقول: «أما فيما يتعلق بالحالات المزاجية، فمن الواضح أن الحالات المزاجية الإيجابية المتمثلة في المشاعر الاجتماعية، واللطف، والتحفيز والتركيز، مالت إلى التدهور على نحو شديد مع طول مدة المهمة. وهذا يشير إلى أنه بالإضافة إلى التدهور الكبير في المشاعر الإيجابية، يوجد ميل إلى تحول الحالات المزاجية إلى حالة من اللاعاطفية الرتيبة والثابتة. وظاهريا، فإن المهمات الأكثر طولا تشجع الغواصين على أن يكونوا في حالة مزاجية روتينية، حيادية، يقل فيها التحفيز، ويقل فيها التركيز، وتقل فيها شدة المشاعر سواء على الصعيد الإيجابي أو السلبي.»
مؤخرا أجرت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء تجارب مشابهة على النساء لتحديد قدرتهن على تحمل قضاء فترات طويلة من الخمول والعزلة. كان من المتوقع أن تتأقلم مجموعة من المتطوعات، المدفوعات الأجر، المتوسطات العمر (بين 35 إلى 45 عاما)، على الاستلقاء في وضع أفقي وغير متحرك، تقريبا، لمدة تقدر بنحو 24 يوما! كان المكان المخصص لتقييد حركتهن بلا نوافذ وعازلا للصوت. وعلى الرغم من وضعية الاستلقاء على الظهر، فقد كن يتمرن على أداة تشبه الدراجة، ويسندن على المرفقين عند تناول الطعام، ويدخلن إلى مقصورة مغتسل ومرحاض أفقية. وكان باستطاعتهن القراءة في وضع الاستلقاء من خلال ارتداء عدسات منشورية، وكانت استجاباتهن مرصودة مع الاهتمام بالتوتر بصفة خاصة. ورتبت التجربة لخضوعهن لتعاقب مكون من ست عشرة ساعة من الضوء وثماني ساعات من الظلام. واعترفت النساء بشعورهن بالضجر والضعف والدوار، وبالشعور ببعض الضيق النفسي، لكنهن تجاوزن الاختبار بنجاح. ويمكنهن بلا شك أن يصبحن من المسافرين عبر الفضاء في المستقبل. ورغم ذلك، فالعزلة يمكن أن تسبب نتائج أكثر خطورة مما أوضحته تلك التجارب، فليس كل الأشخاص يتمتعون بالشباب أو بالحماس لخوض مغامرة السفر في الفضاء، أو مدربين تدريبا خاصا على المهام التقنية والعلمية. (3) السلام والهدوء
كثير من الناس يعتنقون وهما يقول إن باستطاعتهم إنجاز الكثير من الأعمال الإبداعية فقط لو تمكنوا من العثور على مكان يتسم «بالسلام والهدوء». قد يكون هنري ديفيد ثورو استثناء لذلك، لكن العبقرية عادة ما تكون مصحوبة بقدرة مضنية ومحمومة على العمل الجاد. أشخاص مثل ديكنز، ودوستويفسكي، وموتسارت، وفان جوخ، وغيرهم كثيرون، قاموا بأعمال مميزة لعدة أسباب: كسب المال، أو الوفاء بمواعيد تسليم المهام، أو لإخماد دافع داخلي متقد. إن الجلوس في كوخ عند البحر أو وسط الغابات، والجبال، وحدائق الزهور قد يجعل الطبيعة غير محتملة حتى بالنسبة للأشخاص الذين يكنون حبا كبيرا للطبيعة. وفي بعض تجارب الحرمان الحسي خطط الأشخاص لإبقاء أذهانهم مشغولة بتأملات بناءة، لكن هيهات؛ فالأشخاص الذين قد يخططون للقيام بقدر من التفكير الإبداعي سرعان ما قد يجدون أنهم ليس لديهم رغبة في التركيز. وبدلا من ذلك، ستتحرك الأفكار في أذهانهم بترتيب عشوائي. وهذا يقود إلى الموضوع الرائج حاليا المعروف باسم التأمل.
أصبحت موضوعات التأمل، والتغذية الرجعية البيولوجية، والسيطرة على العقل موضوعات رائجة في الوقت الحاضر. توجد جمعيات بحثية عن التغذية الرجعية البيولوجية، وعيادات، وممارسون خاصون، وكتب، ودورات، وآليات تمزج الفلسفات الشرقية والأبحاث العلمية الحديثة. كتبت باربرا براون تقول: «تكمن هموم البشر في عدم معرفتهم بخبايا أنفسهم ... وحتى وقت كتابة هذا الكلام، أكدت مئات الدراسات حقيقة أنه عندما يستطيع البشر إدراك نشاط موجات ألفا الدماغية سيستطيعون تعلم السيطرة عليه.»
الألوان لها دور في هذا الأمر، كما قلنا في السابق، فإن الرتابة إذا فرضت على الشخص، طوعا أو كرها، فقد يؤدي ذلك إلى الحرمان الحسي. وقد يستطيع الأشخاص التأقلم مع الرتابة على نحو أفضل إذا تعلموا التأمل، والسيطرة على وظائفهم البدنية وأيضا العقلية والنفسية. ورغم ذلك توجد تحفظات، فكما قلنا في السابق: «إنها لحالة عادية وطبيعية أن تستثار كل الحواس باستمرار إذا تم ذلك على نحو معتدل؛ فحالة السلام المطلق غير طبيعية حتى في النوم!» ويكمن التناقض في أن تلك العزلة يمكن أن يكون لها آثار سلبية، لكن إذا قبلها الشخص على نحو متعمد وسيطر عليها، فمن الممكن أن يكون لها فوائد علاجية كثيرة.
قد لا يكون التأمل مناسبا للجميع، ورغم ذلك فقد أخذ آلاف من الأشخاص المتأملين دورات في التدريب الذهني محققين نتائج ممتازة في أغلب الأحيان. وإذا كان الشخص، من خلال التوتر أو أي شكل آخر من أشكال الضيق، يجد الراحة والخلاص في التأمل، فهذا جيد، إلا أنني أقر بوجود قدر من التشكيك والتحيز؛ فبعض الأشخاص الذين خضعوا لدورات التدريب الذهني أصيبوا بأمراض عصبية. قد يكون من الخطر التنقيب بعمق شديد في نفسية المرء؛ فقد يوجد النقيض التام «لمملكة النعيم» الموجودة داخل الإنسان. وقد كتب جاري إي شفارتز في كتاب «العلاج النفسي والصوفية» يقول: «يحتاج الجهاز العصبي إلى تحفيز خارجي معتدل الشدة ومتنوع، ولا توجد سابقة تطورية، ولا سلوكية، ولا بيولوجية للتأمل الشديد والمطول.»
Shafi da ba'a sani ba