وهذا فار من الولد، فقد عارض الظاهر بضرب من القياس، وكذلك نقل الأثرم عنه المرأة تنفى بغير محرم، فقيل له: فالنبي ﷺ يقول: "لا تُسافُر المَرْأَةُ إلَّا مع ذي محرم" (^١) فقال: هذا أمرٌ قد لزمها، يسافر بها، وهم يقولون إذا وجب عليها حق والقاضي على أيام رفعت إلى القاضي، ولو أصابت حدًّا في البادية جيء بها حتى يقام عليها، وكذلك نقل أبو داود في رجل قال لامرأته: أنت طالق، ونوى ثلاثًا، فهي واحدة فقيل له: إسحاق يقول: هي ثلاث ويأخذ بالحديث "الأعمال بالنيات" (^٢) فقال: ليس هذا من ذلك، أرأيت إن نوى أن يطلق امرأته ولم يلفظ أيكون طلاقًا؟
وكذلك نقل الميمونى في الرجل يزوج ابنته وهي كبيرة أحب إليّ أن يستأمرها، فإن زوَّجها من غير أن يستأمرها جاز النكاح وهذا للأب خاصة، لأن يده مبسوطة في المال، فإن زوَّجها من غير أن يستأمر فلم يرَ أنّ النكاح مردود.
فمن قال: لا يخص الظاهر، فوجهه أن العموم أعلى رتبة في الحجة من القياس، ألا ترى أن القياس قد يمتنع في كثير من الأصول، والعموم لا يجوز وجوده عاريًا من إيجاب حكم، فإذا كان كذلك لم يجز ترك الأقوى بالأضعف، ولأن النسخ كالتخصيص لأن النسخ تخصيص للزمان، وها هنا هو تخصيص الأعيان، ثم ثبت أنه لا يجوز نسخ العموم به، كذلك لا يجوز