﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (^١) واللَّه لا أفرق بينهما (^٢) فاحتج أبو بكر عليه بالأمر المطلق فأقره عليه، ولو كان مطلق الأمر على الوقف ما احتج عليه بذلك، ولم يقره عمر على ذلك، ولأن أهل اللغة قسموا الكلام أربعة أقسام: أمر، ونهي، واستخبار، وخبر، ومن خالفنا قال: لا فرق بين الأمر والنهي، وأن كل واحد منهما لا يدل على شيء، فلا يدل الأمر على إيجاد فعل، ولا النهي يدل على ترك فعل، فلو كان الأمر على ما قالوه بطلت فائدة القسمة لأن من يقول: إن قوله افعل يقتضي لا تفعل، لأنه يكون على التهديد، ومن قال لا تفعل يقتضي افعل فقد جعل الأمر نهيًا، والنهي أمرًا بعكس اللغة، وما ذكر من أن هذه اللفظة ترد مشتركةً في الوجوب والندب والإِباحة لا يمنع من الصيغة، كأسماء الحقائق وهو الأسد والحمار وهو حقيقة للبهيمة ويراد به الرجل بقرينة، ومع هذا فلا يمتنع أن يكون إطلاقها لحقيقة البهيمة، وكذلك العشرة حقيقة في العشرة، وهي تستعمل في الخمسة مع القرينة التي هي الإِستثناء، بقوله عشرة إلا خمسة، ويبطل بقوله: فرضت وأوجبت وألزمت فإن هذا يرد والمراد به الوجوب، ويرد والمراد به الندب، كقوله: "غُسل يوم الجُمُعة واجبٌ على كلِّ مُحتلمٍ" (^٣)، ومعناه وجوب اختيار وكذلك فرضت يحتمل الوجوب، ويحتمل التقدير، وكذلك الوعيد، يرد والمراد به الوجوب، والمندوب، قال اللَّه -تعالى- ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ (^٤)، فتوعدهم على منع