Allah Kawn Insan
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Nau'ikan
أن سبحوا بكرة وعشيا (مريم: 11). (5) لوقا: «ولما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته. وبعد تلك الأيام حبلت أليصابات امرأته وأخفت نفسها خمسة أشهر قائلة: هكذا قد فعل بي الرب في الأيام التي نظر إلي لينزع عاري بين الناس» (لوقا، 1: 23-25). (5) سورة مريم:
يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا * وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا (مريم: 12-15).
وبعد ذلك مباشرة تبدأ قصة ميلاد عيسى. (س):
قلت في البداية إن التناص بين القرآن والإنجيل لا يقتصر على الأناجيل الأربعة القانونية، وإنما يتعداها إلى الأناجيل المنحولة التي لم تقبل في العهد الجديد، ولكننا في قصة ميلاد يحيى لم نعثر على تناص مع أي إنجيل منحول؟ (ج):
هذا التناص سنجده في القصة الثانية، وهي قصة ميلاد مريم؛ فهنا اقتصر التناص على الأناجيل المنحولة من دون الرسمية لأن الأخيرة لم تتعرض لأخبار مريم قبل بشارتها بالحمل العذري، وهذا ما جعل مؤلفي الأناجيل المنحولة يملئون هذا الفراغ ويقدمون إلى قارئ الإنجيل ما يتوق إليه من سيرة مريم. (س):
ولماذا لم يتعرض الإنجيليون لسيرة مريم قبل حملها بيسوع؟ كان من المتوقع أن يصدر ذلك عن لوقا، وهو الذي قدم لنا تلك القصة الطويلة والمفصلة عن ميلاد يوحنا! (ج):
الشخصية الرئيسية في الأناجيل هي يسوع، ويسوع وحده، وما من شخصية أخرى يعتد بها ظهرت إلى جانبه حتى لكأن سيرته عبارة عن مونودراما، أي مسرحية يؤديها ممثل واحد؛ ولهذا لم تظهر مريم مثلما لم يظهر أي رسول أو تلميذ بقوة على مسرح الحدث. وعلى الرغم من أن صورة يسوع في الأناجيل كانت صورة إنسان متفوق إلا أنه بقي إنسانا وتصرف كإنسان، وعبر عن ضعفه الإنساني في آخر جملة نطق بها عندما كان على الصليب وصرخ بصوت عظيم قبل أن يسلم الروح: إلهي، إلهي لماذا تركتني؟
وقد كانت مريم أم ذلك الإنسان، ولم يكن لها من دور سوى إنجابه، ولكن مكانة يسوع أخذت بالارتفاع ولا سيما بعد ظهور إنجيل يوحنا وهو آخر الأناجيل، وأخذ يفقد سماته الإنسانية ويكتسب سمات إلهية، وبالتالي كان لا بد أيضا من أن ترتقي رتبة مريم معه حتى تحولت من أم إنسان إلى أم إله. (س):
ولكن كان لمريم حضور قوي في قصة ميلاد يسوع؟ (ج):
إلى حد ما، ولكن قصة ميلاد يسوع غير موجودة في إنجيل مرقس الذي صار مؤكدا الآن أنه أقدم الأناجيل. وهذا يعني أن مؤلف هذا الإنجيل لم يسمع بتلك القصة، وأنها لم تكن متداولة في زمنه وإنما ابتكرت فيما بعد على ما هو متفق عليه بين الباحثين في العهد الجديد. وعلى كل حال فخارج قصة الميلاد التي وردت عند متى ولوقا بشكل مختلف تماما، ولم ترد عند مرقس ويوحنا، فإن مريم لم تذكر بالاسم لدى متى بعد قصة الميلاد سوى مرة واحدة، وبشكل عابر عندما قال أهل الناصرة عن يسوع: «أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم؟» (متى، 13: 55). ثم وردت الإشارة إليها دون ذكر اسمها عندما دخلوا على يسوع وهو يعلم في أحد البيوت وقالوا له: «أمك وإخوتك واقفون في الخارج طالبين أن يكلموك» (متى، 12: 47). كما أن مريم لم تظهر في رواية لوقا بعد قصة الميلاد سوى مرة واحدة، وذلك في زيارة العائلة المقدسة إلى أورشليم عندما كان في سن الثانية عشرة، وبعد ذلك تغيب عن سيرة يسوع تماما، حتى إن أهل الناصرة عندما كانوا يتشاورون في أمر يسوع قالوا: «أليس هذا ابن يوسف؟ ولم يقولوا أليس هذا ابن مريم أو أليس هذا ابن مريم ويوسف.» فإذا انتقلنا إلى الإنجيليين الآخرين اللذين لم يتعرضا لقصة الميلاد لما وجدنا فيهما أفضل من ذلك. (س):
Shafi da ba'a sani ba