453

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Mai Buga Littafi

دار القلم

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

Nau'ikan

قال الصابوني: " أي أوقعهما في الزلة بسببها وأغواهما بالأكل منها هذا إذا كان الضمير عائدًا إلى الشجرة، أما إذا كان عائدًا إلى الجنة فيكون المعنى أبعدهما وحوّلهما من الجنة" (١).
أخرج الطبري عن ابن عباس، أنه قال في تأويل قوله تعالى: ﴿فأزلهما الشيطان﴾: "أغواهما" (٢).
وقال عاصم: "فنحاهما" (٣).
وأخرج ابن أبي حاتم "عن الحسن: ﴿فأزلهما﴾، قال: من قبل الزلل" (٤). وروي عن قتادة مثل ذلك (٥).
وقوله: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ [البقرة: ٣٦]، فيه وجهان من القراءة:
أحدهما: قرأته عامة القراء ﴿فأزلَّهما﴾ بتشديد اللام، بمعنى: استزلَّهما، من قولك زلَّ الرجل في دينه: إذا هفا فيه وأخطأ، فأتى ما ليس له إتيانه فيه. وأزلَّه غيره: إذا سبب له ما يزلّ من أجله في دينه أو دنياه.
والثاني: قرأه آخرون: ﴿فأزَالهما﴾، بمعنى إزَالة الشيء عن الشيء، وذلك تنحيته عنه (٦).
واختلف أهل التفسير، هل خلص إليهما الشيطان حتى باشرهما بالكلام وشافههما بالخطاب أم لا؟ فذكروا قولين:
أحدهما: أن الشيطان خلص إليهما. قاله عبد الله بن عباس (٧)، وابن مسعود (٨)، ووهب بن منبه (٩)، وأبو العالية (١٠)، وأكثر المفسرين.
واستدلُّوا بقوله تعالى: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١].
والثاني: أنه لم يخلص إليهما، وإنما أوقع الشهوة في أنفسهما، ووسوس لهما من غير مشاهدة، لقوله تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: ٢٠]، وهو قول محمد بن إسحاق (١١)، وابن زيد (١٢)، وروي عن محمد بن قيس (١٣) نحو ذلك.
والقول الأول أظهر وأشهر. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ [البقرة: ٣٦]، "فأخرجهما الشيطان "من نعيم الجنة" (١٤).
قال ابن كثير: " أي: من اللباس والمنزل الرحب والرزق الهنيء والراحة" (١٥).
قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا﴾ [البقرة: ٣٦]، "أي اهبطوا من الجنة إلى الأرض والخطاب لآدم وحواء وإبليس" (١٦).
قال الثعلبي: " أي أنزلوا الى الأرض" (١٧).
وذكر ابن أبي حاتم أخبارا حول مكان هبوطهم في الأرض (١٨). وهي روايات لا اعلم درجة صحتها، وقد قال ابن كثير: " لو كان في تعيين تلك البقاع فائدة تعود علي المكلفين، في أمر دينهم أو دنياهم، لذكرها الله تعالى في كتابه أو رسوله ﷺ، وإن هذه الأخبار من الإسرائيليات" (١٩).

(١) صفوة التفاسير: ١/ ٤٤.
(٢) تفسير الطبري (٧٤١): ص ١/ ٥٢٥ ..
(٣) تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣): ص ١/ ٨٧.
(٤) تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٤): ص ١/ ٨٧.
(٥) تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٥): ص ١/ ٨٧.
(٦) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٥٢٤.
(٧) تفسير الطبري (٧٤١): ص ١/ ٥٢٥ ..
(٨) تفسير الطبري (٧٤٣): ص ١/ ٥٢٦ ..
(٩) أنظر: تفسير الطبري (٧٤٢): ص ١/ ٥٢٥ - ٥٢٦.
(١٠) تفسير الطبري (٧٤٥): ص ١/ ٥٢٧.
(١١) تفسير الطبري (٧٤٦)، و(٧٤٧): ص ١/ ٥٢٨ - ٥٢٩.
(١٢) تفسير الطبري (٧٤٨)، و(٧٤٧): ص ١/ ٥٢٩.
(١٣) تفسير الطبري (٧٥٢): ص ١/ ٥٣٠ - ٥٣١.
(١٤) صفوة التفاسير: ١/ ٤٤.
(١٥) تفسير ابن كثير: ١/ ٢٣٦.
(١٦) صفوة التفاسير: ١/ ٤٤، وانظر: تفسير البغوي: ١/ ٨٤.
(١٧) تفسير الثعلبي: ١/ ١٨٣.
(١٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٨٨ - ٨٩. من تلك الأماكن: الصفا والمروة، أرض هند، بين مكة وطائف ... الخ.
(١٩) أنظر: تفسيره: ٣/ ٣٩٥.

2 / 195