Lu'ulu'u Mai Haske - Kashi Na Farko
الجزء الأول
Nau'ikan
غزوة بدر الكبرى في شهر رمضان بعد تسعة عشر شهرا من مهاجرته صلى الله عليه وآله وسلم، وبدر ما كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم في يوم يتخذونه من السنة إلى السنة، وهو لهلال ذي القعدة إلى ثمان منه، وهي الوقعة العظيمة التي فرق الله بها بين الحق والباطل، وأعز الإسلام، ودفع الكفر، وظهرت فيها الآيات الكبيرة، كتحقيق الله سبحانه ما وعدهم به من إحدى الطائفتين، وحصول المطر عند الإلتقاء، وإمداد الله المسلمين بجند من السماء حتى سمعوا أصواتهم ورأوا من رأوا منهم، ورمي النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشركين بالحصى والتراب حتى عمت رميته الجميع، وتقليل الله المشركين في عيون المسلمين، وإشارتهصلى الله عليه وآله وسلم إلى مصارع المشركين، بقوله: ((هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان)) فكان كما قال، واطلاعه صلى الله عليه وآله وسلم على إئتمار عمير بن وهب، وصفوان بن أمية على الفتك به صلى الله عليه وآله وسلم، وكان ذلك سبب إسلام عمير، إلى غير ذلك من الآيات والمعجزات الكثيرة، وكان من حديث غزوة بدر أن رسول صلى الله عليه وآله وسلم لما تحين انصراف العير التي خرج من أجلها إلى العشيرة وإقبالها من (الشام) ندب أصحابه للخروج إلى العير، وأمر من كان ظهره حاضرا بالنهوض ولم تحتفل(1) لها احتفالا كثيرا، فخرج صلى الله عليه وآله وسلم في ستة وثمانين رجلا من المهاجرين، ومائتين وسبعة وعشرين من الأنصار، وقيل غير ذلك، وكانت إبلهم سبعين بعيرا يعتقبونها، وكان معهم فرسان إحداهما للمقداد بن الأسود، والأخرى لمرثد بن مرثد الغنوي، وقيل: للزبير بن العوام، وكانت العير التي خرجوا من أجلها ألف بعير فيها أموال عظيمة لقريش، يقال: إن فيها خمسين ألف مثقال، وكان فيها ثلاثون رجلا من قريش منهم: أبو سفيان بن حرب، وعمرو بن العاص، فلما بلغهم خروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثوا رجلا يقال له: ضمضم [ليخبر قريشا ويستنفرهم فلم يرع أهل (مكة) إلا هجوم ضمضم](1)، يقول: يا معشر قريش يا آل لؤي بن غالب اللطيمة قد عرض لها محمد في أصحابه الغوث والله ما أرى أن تدركوها، وقد جدع أذني بعيره وشق قميصه وحول رحله، فلم تملك قريش من أمرها شيئا حتى نفروا على الصعب والذلول وتجهزوا في ثلاثة أيام، وقيل: في يومين، وأعان قويهم ضعيفهم، ورأى ضمضم أن وادي (مكة) يسيل دما(2) من أسفله وأعلاه، ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم بثلاث أن راكبا أقبل على بعير له حتى وقف ب(الأبطح) فصرخ بأعلا(3) صوته: ألا انفروا يا آل عذر لمصارعكم في ثلاث، قالت: فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها، ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، فأخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل أرفضت فلم يبق بيت من بيوت (مكة) ولا دار إلا دخله(4) منها فلقة، فبلغت رؤياها أبا جهل، فقال للعباس: يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبية أما رضيتم أن يتنباء رجالكم، حتى تنباء نسائكم، سنتربص بكم هذه الثلاث، فإن كان حقا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن شيئ من ذلك نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب، فقدم ضمضم في اليوم الثالث فصرخ في بطن الوادي، وهو واقف على بعيره قد جدع بعيره وحول رحله، وشق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث، وأقبل أبو سفيان بالعير وهو خائف من الرصد وترك بدرا يسارا وانطلق سريعا، وأقبلت قريش وهم تسعمائة وخمسون مقاتلا، معهم مائة فرس عليها مائة درع سوى دروع المشاة، وإبلهم سبعمائة بعير، فلما بلغوا الجحفة رأى جهم بن الصلت المطلبي في منامه أن رجلا أقبل على فرس له، معه بعير حتى وقف عليه فقال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعه، وزمعة بن الأسود ، وأمية بن خلف، وأبو البحتري بن هشام[وأبو الحكم بن هشام](1)، في رجال سماهم وأسر سهيل بن عمرو، وفر الحرث بن هشام، وقائل يقول: والله إني أظنكم تخرجون إلى مصارعكم، ثم رأه كأنه ضرب لبة بعيره فأرسله في العسكر، فلم يبق خبا من العسكر إلا أصابه بعض دمه، فشاعت هذه الرؤيا في العسكر فقال أبو جهل: وهذا نبي آخر من بني [عبد] (2) المطلب، سيعلم غدا من المقتول أنحن أم محمد وأصحابه، وأرسل أبو سفيان إلى قريش يأمرهم بالرجوع، ويخبرهم أن قد نجت عيرهم فلا تجردوا أنفسكم أهل (يثرب) وهموا بالرجوع، فأبى ذلك أبو جهل، ورجعت بنو زهرة، ولم يخرج من بني عدي أحد، فكان هاتان القبيلتان لم يكن أحد منهم(3) ببدر، ذكره الحاكم في (السفينة).
Shafi 179