Asirai Tarihin Da Ya Rikita
ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن
Nau'ikan
قبل حدوث ذلك، وفي كريت، كانت أريادنه - ابنة مينوس - قد وقعت في حب الشاب الشجاع وأعطته كرة خيط. وعندما ذبح ثيسيوس المينوتور، اتبع الخيط المفكوك للخروج من المتاهة. وهكذا انتهت التضحية القاسية بشباب أثينا، وانتهت معها سيطرة كريت على أثينا.
لم تكن تلك نهاية سعيدة بالنسبة إلى أريادنه، التي هجرها ثيسيوس في طريق عودته إلى أثينا، أو بالنسبة إلى أيجيوس، الذي ألقى بنفسه من أعلى جرف حين وجد سفينة ابنه ولا يزال عليها الشراع الأسود (حيث كان ثيسيوس قد نسي تغيير الأشرعة). ولكن ميزة ذلك على الأقل أنه قد سرع باعتلاء ثيسيوس العرش.
بالطبع تنتمي رواية بلوتارخ، المليئة بالعناصر الخارقة للطبيعة، لعالم الخرافات. ولكن تساءل المؤرخون الأوائل عن احتمالية حفظ الخرافة ذكرى حية عن أي إمبراطورية كريتية حكمت بلاد الإغريق في أحد عصور ما قبل التاريخ. وفي عام 1900، وصل آرثر إيفانز، مدير المتحف الأشمولي بأكسفورد، إلى كريت وأقنعه ما رآه - مثلما أقنع كثيرين آخرين - بأن كريت لم تكن فقط مركزا لإمبراطورية عظيمة، بل بأن قصة ثيسيوس لم تكن بالروعة التي بدت عليها حينها. •••
كان إيفانز مناسبا على نحو مثالي للتنقيب في كريت؛ فباعتباره أكاديميا من الجيل الثالث، كان خبيرا بالكتابة القديمة، التي جاء إلى كريت بحثا عنها في المقام الأول. كما كان مؤيدا لاستقلال كريت؛ ما عاد عليه بنفع عظيم بعد أن تحررت كريت من الحكم التركي عام 1899. والأفضل من كل ذلك أن إيفانز قد ورث ثروة من تجارة أبيه في الورق؛ ما أتاح له تجاوز المفاوضات الشائكة المعتادة وشراء الأرض التي أراد التنقيب فيها ببساطة. وكانت الرواية المحلية واضحة بشأن موقع قصر كنوسوس، وهو قصر مينوس، في وادي كايراتوس، وكانت تلك هي النقطة التي بدأ فيها إيفانز الحفر.
وفي غضون أسابيع، كان واضحا أن هذا الموقع موقع استثنائي. فلحسن الحظ لم يبن عليه في العصور الإغريقية أو الرومانية؛ ومن ثم تمكن العمال سريعا من الوصول إلى أطلال قصر يعود للعصر البرونزي. ويا له من قصر! فقد كان يمتد على عدة أفدنة، وسرعان ما استدعى إلى الذهن صورة متاهة، بغرفه وممراته المتعددة المظلمة. ولم يسع إيفانز سوى أن يتخيل الزوار الأثينيين القدماء وقد عادوا إلى ديارهم ويروون حكايات عن وقوعهم في متاهة بدت بلا نهاية. وفي منتصف القصر كان هناك بهو كبير، فتساءل إيفانز: هل يمكن أن يكون هذا هو مأوى ذلك المخلوق الذي وصف في الخرافة مينوتور؟ «الثور في كل مكان»، هكذا كتب آرثر إيفانز عن اكتشافاته في كنوسوس. وكان أشهر هذه الاكتشافات وأكثرها تميزا هذه اللوحة الجصية (الفريسكو) التي جسدت رجلا يقفز فوق ثور هائج، وأدت بعلماء الآثار للتساؤل عن وجود قدر من الحقيقة في قصة ذبح ثيسيوس للمينوتور. (حقوق الطبع محفوظة لولفجانج كايلر/كوربيس.)
ولكن جاء عام 1900 ليشهد أكثر اكتشافات إيفانز إثارة بين جميع اكتشافاته؛ لوحة تجسد شابا يقوم بحركات بهلوانية على ظهر الثور، في حين وقفت شابتان بجانبه، على ما يبدو أنهما إما كانتا تبحثان عن رفقتهما أو في انتظار دورهما. وسرعان ما تم العثور على مزيد من الصور لثيران ومصارعين يقفزون فوقها، بعضها على أختام منقوشة وبعضها في شكل تماثيل صغيرة من البرونز أو العاج.
تشاور إيفانز الذي تملكه الذهول والدهشة مع الخبراء البديهيين في هذا الموقف؛ وهم مصارعو الثيران الإسبان. فسألهم إذا كان هذا النوع من القفز على الثيران المجسد في الفن الكريتي ممكنا . وأجاب مصارعو الثيران بأنه لا يمكن القيام به، على الأقل إذا كان القافزون على الثيران يتمنون النجاة والبقاء أحياء. ولكن الدليل كان دامغا على أن شكلا من القفز على الثيران كان يحدث هناك. وأيا ما كانت الرخصة الفنية التي ربما يكون الفنانون الكريتيون والقاصون الأثينيون قد حصلوا عليها، فمن الواضح أن الثيران كانت جزءا لا يتجزأ من هذه الثقافة. وربما كان الشباب الذين تم تصويرهم أسرى يونانيين تم تدريبهم من أجل حلبة المصارعة مثل مصارعي روما القديمة.
أطلق إيفانز على هذه الثقافة اسم «المينوسية» تيمنا بملكها الأسطوري (أو ربما لم يكن أسطوريا للدرجة). وكان مقتنعا أن المينوسيين، كما حكت قصة ثيسيوس، حكموا بلاد الإغريق يوما ما، فارضين سيطرتهم على البر الرئيسي سياسيا وفنيا. وكان إيفانز يعتقد أن المينوسيين هم من وضعوا الأسس التي بنيت عليها الإنجازات اللاحقة لليونانيين القدماء: فشعر هوميروس، وفلسفة أفلاطون، وتحفة البارثينون المعمارية، كلها إنجازات أشير إليها في الثقافة المينوسية.
كان مما عزز ثقة إيفانز في أفكاره هو اكتشافه لعدد من الألواح الطينية في كنوسوس. ولعلك ستتذكر أن البحث عن الكتابات القديمة كان الباعث الأول لإيفانز للذهاب إلى كريت. ومن الواضح أن الألواح، التي كتبت بحروف أبجدية عرفت بعد ذلك بالكتابة الخطية «أ» والكتابة الخطية «ب»، قد عززت اعتقاد إيفانز بأن المينوسيين لم يكونوا فنانين فحسب، بل ومثقفين أيضا.
وللحفاظ على أمجاد الحضارة المينوسية، بدأ إيفانز عام 1901 في ترميم القصر في كنوسوس. فأعاد بناء الجدران والأعمدة العلوية التي تلاشت منذ زمن، وكذلك جزء من سقف القصر. واستعان بفنان سويسري، يدعى إميل جيليرون، لإحياء وتجديد اللوحات الجصية. وكانت النتيجة موقعا أثريا مختلفا تماما عن أي موقع أثري في عصره أو عصرنا؛ فبدلا من النظر إلى مجرد أطلال عالية، صار بإمكان الجميع حتى السياح الذين لا يملكون أي خلفية تاريخية أن يكونوا إدراكا واضحا للمدى والعظمة الكاملين للفن والمعمار المينوسي.
Shafi da ba'a sani ba