متى «فقال رئيس الكهنة وقال له: ما هذا الذي يشهد به هذان عليك؟ فظل يسوع صامتا. فقال له رئيس الكهنة: أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: أأنت المسيح ابن الله؟ فأجاب يسوع: أنت قلت. وأنا أقول لكم: سترون ابن الإنسان جالسا عن يمين القدرة وآتيا على غمام السماء. فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: لقد جدف فأي حاجة بنا إلى الشهود؟ ها قد سمعتم تجديفه. ماذا ترون؟ فأجابوا وقالوا: يستوجب الموت. فبصقوا في وجهه ولكموه، وآخرون لطموه قائلين: يا أيها المسيح تنبأ لنا من ضربك» (متى، 26: 63-68).
لوقا «وكان الذين يحرسون يسوع يسخرون منه ويضربونه ويغطون وجهه ويسألونه: من ضربك؟ وأوسعوه غير ذلك من الشتائم. ولما طلع الصبح اجتمع مجلس الشيوخ والأحبار والكتبة، فاستحضروه إلى مجلسهم وقالوا: إن كنت المسيح فقل لنا. فقال لهم: لو قلت لكم لا تصدقون، وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني. منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسا عن يمين قوة الله. فقال الجميع: أفأنت ابن الله؟ فقال لهم: أنتم تقولون إني أنا هو. فقالوا: ما حاجتنا بعد إلى شهادة وقد سمعنا ما نطق به لسانه؟» (لوقا، 22: 63-71).
من قراءة هذه الروايات الثلاث نخرج بالملاحظات التالية: (1)
في رواية مرقس ومتى يساق يسوع إلى بيت رئيس الكهنة بعد منتصف ليلة وقفة عيد الفصح في الرابع عشر من نيسان. أما في رواية لوقا ففي صباح اليوم الأول من عيد الفصح في الخامس عشر من نيسان. (2)
لم تكن الأعراف اليهودية تسمح بعقد المحاكمات ليلا، ناهيك عن أن استجواب السنهدرين ليسوع قد حصل في يوم الفصح المقدس الذي ينطبق عليه ما ينطبق على يوم السبت من عدم القيام بأي عمل، ويدعى أيضا بالسبت أي يوم الراحة. (3)
انعقد مجلس السنهدرين ليلا وفي بيت رئيس الكهنة، وهذا مخالف لنظام السنهدرين الذي يجتمع نهارا وفي مكان خاص في الهيكل بعد موافقة الوالي الروماني. ولا يكون اجتماعه قانونيا خارج هذه الشروط. (4)
عندما وصل يسوع كان السنهدرين منعقدا بأعضائه البالغ عددهم نحو 70 عضوا. فكيف تسنى لرئيس الكهنة إيقاظ هؤلاء من نومهم وجلبهم إلى مقره خلال الفترة الفاصلة بين القبض على يسوع في البستان ووصوله إلى المقر؟ والرد هنا بأن المجلس قد أعلم مسبقا بالاجتماع قبل وقت كاف غير منطقي، لأن القبض على يسوع لم يكن مؤكدا وهروبه كان محتملا. (5)
في رواية مرقس ومتى لم يكن رئيس الكهنة المزمع على استجواب يسوع قد أعد شهودا يشهدون ضد يسوع، وجيء بشهود عرضيين تضاربت شهاداتهم. وهذا شيء مستغرب لأن قرار قتل يسوع قد اتخذ قبل القبض عليه بوقت كاف، وكان على الأحبار والشيوخ والكتبة تجهيز قضية محكمة قانونيا لتقديمها إلى بيلاطس، ولكن مثل هذا لم يحدث. (6)
في جواب يسوع على سؤال «هل أنت المسيح ابن الله؟» يضع مرقس على لسانه قوله: «أنا هو. وسترون ابن الإنسان ... إلخ». أما عند متى ولوقا فإن يسوع يتقدم بإجابة مخاتلة يمكن أن تفهم بأكثر من طريقة عندما يقول: «أنت قلت» عند متى، أو «أنتم تقولون إني أنا هو» عند لوقا. فهل قصد يسوع من ذلك إلى القول: «أنت قلت ما هو صواب» أو «أنت قلت ذلك لا أنا»؟ إن الباحثين في العهد الجديد ما زالوا حتى الآن في خلاف حول مؤدى إجابة يسوع. (7)
وحتى لو افترضنا جدلا بأن يسوع قبل لقب ابن الله، فإن هذا لا يعد كفرا أو تجديفا بالنسبة إلى العقيدة التوراتية. فمسيح الرب هو ابن بالتبني للإله يهوه. نقرأ في سفر المزامير على لسان داود: «إني أخبر من جهة قضاء الرب. قال لي: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك» (المزمور، 2: 7). ونقرأ في سفر صموئيل الثاني على لسان يهوه في وصف علاقته مع سليمان: «أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا» (2 صموئيل، 7: 14).
Shafi da ba'a sani ba