Albert Camus: Kokarin Nazarin Tunaninsa na Falsafa
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
Nau'ikan
إستطيقا التمرد. (و)
تلخيص عام. (أ) بناء التمرد
كان هم كامي في أعماله المبكرة أن يصور جانبي الظل والنور في الوجود الإنساني وأن يبرز محاليته على المستوى الفردي. وكانت كرامة الإنسان وعزته في احتمال هذه المحالية، ومواجهتها في تحد وأمانة وشجاعة. أما مشكلة الموت، ممثلة في مشكلة الانتحار التي جعل لها الأولوية على سائر المشكلات، فكانت هي التناقض الممزق للقلب الذي انطلق منه فكره الفلسفي كله . وأما الموت الذي تبرره الحجج العقلية، وتدعمه المذاهب الفلسفية والعقائد الأيديولوجية، ممثلا في صورة القتل بالجملة، فلم يكن قد التفت إليه بعد.
كانت محالية الحياة، كما رأينا ، أمرا لا غنى عنه لتأسيس الحرية. ولقد رفض الانتحار رفضا حاسما؛ لأن الانتحار معناه التخلي عن الوعي، والوعي هو القيمة الحقيقية الوحيدة التي يملكها الإنسان، وهو الذي ينبغي عليه بإزاء المحال أن يحافظ عليه، في أعلى درجات التوتر والنصوع والصفاء. ولم يكن واجب الإنسان قاصرا على أن يحيا فحسب، لكي يتيح الحياة للمحال، بل كان الواجب عليه أن يزيد من الحياة. مزيدا من الحياة؛ تلك كانت القاعدة الأخلاقية التي اتخذها «نماذج المحال» شعارا لحياتهم ومقياسا لسلوكهم. وقد جعلتهم يقدمون الكم على الكيف، لا بل يجردون القيم الكيفية من كل معنى أو دلالة. وقد يذهبون إلى أبعد من هذا، فيرون أن القيم الكيفية تزيف الحياة، وتملؤها بالأوهام، وتبرر القتل على اختلاف صوره تبريرا أيديولوجيا (والغازي، وكاليجولا، ومارتا وأمها أمثلة واضحة على ذلك). كانت القيم الوحيدة التي تحتفظ بمعناها هي القيم المتجسدة أو «حقائق اللحم»
1
التي تحدثنا عنها فيما تقدم، والتي لا يخالج أحدا أن يشك في صدقها ويقينها. وكانت إستطيقا المحال، أو «الخلق بلا صباح» هي تسجيل تمرد الإنسان على ظروف حياته المحالة في لحظة سميناها ب «الأبدية الفانية». وكما استند سيزيف على صخرته التي كتب عليه أن يدفعها إلى قمة الجبل في عود على بدء لا نهاية له ولا رجاء فيه، فقد استند الإنسان أيضا على صخرة الموت الذي لا حيلة له فيه ولا مفر له منه. وكان أقصى ما يستطيعه هذا التمرد المحال هو الصبر، والشجاعة، والكبرياء، وأن يستنفد كل جهده في تحدي قدر ظالم محال. لقد خنقت «النعم»، إن صح هذا التعبير، صرخة «اللا».
كل هذا قد عرفناه في السطور السابقة.
غير أن الإنسان لا يظل إلى الأبد «غريبا» في هذا العالم، ولا في مقدوره أن يغلق وجدانه دون الاتصال بوجدان الآخرين. وهو حين يموت لا يكون موته دائما نتيجة ضرورة عمياء تحتمها الطبيعة أو يدبرها القدر المحال. وحين ينتزع الموت حياته لا يكون ذلك نتيجة إرادته الحرة المختارة دائما. إن إنسانا آخر قد يسلبه وجوده الحق (كما هو الحال في علاقة السيد-بالعبد) فيتركه جثة تسير على قدمين، أو يطمس هذا الوجود ويلغيه إلغاء. والموت قد يصبح شرفا يفتخر به الجلادون، ويبررونه بالنظريات والمبادئ، وبالأساطير والعقائد المذهبية. ويصبح كذلك من المستحيل تفسير مثل هذا الموت في حدود دائرة المحال، ومن خلال الأفق الذي تدور فيه مشكلاته. إننا الآن نواجه مشكلة أخرى غير مشكلة الانتحار الذي يقدم عليه الفرد فيتحمل وحده مسئوليته، ويقاسي وحده آلامه. إن مشكلة «القتل» تجعلنا نواجه موقفا جديدا نحتاج معه إلى قيم جديدة.
وهكذا يتبع السؤال الأول: هل يجوز لي أن أقتل نفسي؟ سؤال جديد: هل يجوز لي أن أقتل غيري؟ إن حتمية الموت أو «رياضته الدموية» التي كانت من أهم عناصر التفكير المحال، لم تعد هي المشكلة الأساسية التي تشغل الفكر المتمرد. إن الناس جميعا يموتون، وتلك مشكلة لا نملك أن نفعل إزاءها شيئا. أما أن الناس يقتلون فتلك مشكلة أخرى، يجب علينا ألا نقف حيالها مكتوفي الأيدي. مشكلة الموت إذن باقية على الحالين. لم يقض عليها، ولكن اتسعت دائرتها، ووضعت في مجال تجربة إنسانية أوسع، هي تجربة التمرد.
إن فكرة التمرد، كما يطبقها كامي في بداية مقاله الفلسفي الكبير المتمرد، ليست إلا فرضا يحاول به أن يفسر اتجاه عصرنا تفسيرا جزئيا، كما يحاول أن يفسر به انفلاته من كل الحدود تفسيرا يشبه أن يكون شاملا.
Shafi da ba'a sani ba