Albert Camus: Kokarin Nazarin Tunaninsa na Falsafa

Cabd Ghaffar Makkawi d. 1434 AH
77

Albert Camus: Kokarin Nazarin Tunaninsa na Falsafa

ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي

Nau'ikan

27

إنه يعتقد أنه لو استطاع أن يدرك المستحيل وأن يضم القمر بين يديه، فسوف ينجو الناس من الموت، غير أنه يأمر بأن يموت الناس لكي يحول دون الموت، سبب تعاستهم الرئيسي، وبذلك يناقض نفسه بنفسه، ولكن المستحيل لا يتم على ظهر الأرض، وكاليجولا لا يستطيع أن يلمس القمر بيديه، وهو لذلك يصرخ مادا ذراعيه نحو السماء، لكي يهرب من وحدته. إنه يقوم على المستوى الفردي العدمي بما سوف يقوم به الوباء على المستوى الجمعي-الميتافيزيقي.

وترهق الناس حياة الذل والخطر التي يضعهم فيها كاليجولا فتوقظ فيهم صحوة الوجدان، ولكنها صحوة من سبات الجهل والغفلة، لا صحوة الوعي الحقيقي التي يمكن أن تدفعهم إلى التمرد. إن بعضهم يعلن رضاه بالمحال واستسلامه له؛ أعني إلغاءه لوجود المحال نفسه (إذ المحال لا يحيا إلا بمقدار ما نعلن سخطنا عليه وتحدينا له). وهم باعترافهم بالمحال يتنكرون للتمرد، حتى يصل بهم الأمر إلى الحد الذي يجعلهم يرفعون القيصر الروماني - الذي يتجسد المحال الآن في شخصه - إلى مصاف الآلهة، هؤلاء الانتهازيون الضعاف لا يفعلون ذلك عن إرادة شريرة، بل عن جهل أو غفلة. وأما الفريق الآخر منهم فهم يدبرون مؤامرة على حياة القيصر؛ لأنهم يكرهون السعادة المستحيلة ويخافون منها. يقول «كيريا» موجها كلامه لكاليجولا: «إنني أحس في نفسي بالشوق إلى أن أحيا وأن أكون سعيدا، وفي رأيي أن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى شيء منهما إذا سار في المحال إلى أقصى مداه.»

28

فليس في استطاعة أحد من الناس أن يتبع هذا المنطق المحال ويهنأ مع ذلك بالحياة أو يبلغ السعادة.

و«كيريا» كذلك إنسان يعيش في المحال، ولكن الشيء الذي يميزه عن كاليجولا هو أنه يرفض أن يسير مع منطقه المحال إلى نهايته. إنه يؤمن بإمكان الحياة في المحال، ولكنه يؤمن كذلك باستحالة البرهنة عليه. وهو بذلك يبقى على إخلاصه للمحال، فيعترف بحدوده، ولا يحاول أن يتخطى أسواره. لقد عرف كيريا أن منطق كاليجولا لا بد أن يؤدي به إلى القتل في صورتيه: الانتحار والقتل بالجملة. ولقد عرف أيضا أن الحقائق الواضحة البينة بذاتها (والمحال لا شك إحدى هذه الحقائق) لا تفسر إلا بذاتها ومن ذاتها، وأنها لا تحتاج إلى قيمة خارجية عنها للاستعانة بها على تفسيرها؛ فوضع قيمة كهذه يشبه الإقدام على «القفزة» التي حرمها على نفسه إنسان المحال. والإقدام على مثل هذه القفزة ليس مجرد مسلك فاسد في الفكر والشعور كما رأينا فحسب، بل هو قبل كل شيء جريمة لا تغتفر. وسنرى كيف أقدمت نظم الطغيان السياسي المختلفة على مثل هذه الجريمة حين جعلت للتاريخ قيمة مطلقة (كما في التأكيد المطلق عند الماركسية)، أو حين جردته من كل معنى وقيمة (كما في النفي المطلق عند الفاشية والنازية).

29

إن كلا النظامين ينتهي إلى الانتحار أو إلى القتل بالجملة تبعا لتأكيده لمعنى التاريخ أو نفيه عنه. وكلاهما ينبع عن وعي غير حقيقي بالمحال؛ إذ الوعي الحقيقي به لا بد وأن يؤدي في نهاية المطاف إلى التمرد الحق؛ أي التمرد المعتدل.

وإذن فالسعي إلى المستحيل يحمل في ذاته خطر إلغاء تلك الحقائق التي تأدت عن الوعي الناصع بالمحال ونفي كل قيمة عنها. وسعي كاليجولا إلى المستحيل يحمل في ذاته أيضا خطرا لا ينفصل عن ذلك، هو خطر اعتبار الناس جميعا مذنبين، سواء في ذلك الذين يقلدون فعله فينفون ويدمرون، أو الذين يتمردون عليه فيضطرون إلى الإقدام على الجريمة «أنا في حاجة إلى مذنبين. وهم جميعا في نظري مذنبون.» هكذا يقول كاليجولا. ويستطرد في منطقه الذي يتألف في مجموعة من أقيسة خاطئة خادعة فيقول: كل من يذنب يموت. وكل من هو من رعية كاليجولا فهو مذنب. إذن فالجميع مذنبون. ينتج عن هذا أنهم جميعا محكوم عليهم بالموت. إن المسألة مسألة زمن فحسب.

30

Shafi da ba'a sani ba