Albert Camus: Kokarin Nazarin Tunaninsa na Falsafa
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
Nau'ikan
Disjunktion «إما أن يوجد في المتتاليات الحرة عدد له الخاصية (أ) أو لا يوجد» ليست قضية فاصلة حقيقية؛ وعلى ذلك فإن علينا، كما يرى بروور، أن نفسح مجالا لعدم القطع بالنسبة للقضايا المتعلقة بالمجاميع اللامتناهية. ويترتب على ذلك أيضا أن تحسب حساب إمكانية ثالثة بين القضية القائلة: «يوجد عدد له الخاصية (أ)» وبين القضية التي تنفيها وتقول: «لا يوجد عدد له الخاصية أ». وبذلك يحتمل مبدأ الثالث المرفوع الاستثناء، كما يفلت اللامتناهي من تطبيق هذا المبدأ عليه، وتظل القضايا التي تعبر عنه وراء الصدق والكذب جميعا. لا بد إذن من أن نسلم بوجود قيمة منطقية ثالثة، سيصطلح على تسميتها بالمحال. أو بتعبير أدق، ما لا يمكن البرهنة على صدقه ولا على كذبه؛ إذ إن الكذب لا يعد نقيضا للصدق إلا حيث يكون التحقق منهما ممكنا.
14
ولا بأس هنا من أن نذكر حكاية المفارقة الطريفة التي يمثل بها العالم المنطقي بروور للموقف الحرج الذي وجد الرياضيون والمناطقة أنفسهم فيه، وهي الحكاية المعروفة بحكاية العمالقة المنطقيين؛ فقد كان هؤلاء العمالقة يسكنون جزيرة نائية، ويقتلون كل غريب يسوقه سوء حظه إلى شواطئها. لقد كان على كل غريب أن يجيب على سؤال معين يوجهه العمالقة إليه. وسواء أكانت الإجابة صادقة أو كاذبة فلم يكن له مفر من أن يضحى به على مذبح الصدق أو مذبح الكذب. وذات يوم يوجه العمالقة كعادتهم سؤالهم الخالد إلى أحد الغرباء: ماذا سيكون مصيرك؟ ويجيب الغريب قائلا: سوف يضحى بي على مذبح الكذب. ويفاجأ العمالقة وتشيع الحيرة بينهم. لقد اكتشف الغريب الإجابة التي تفلت من تقابل الأضداد وتتجاوز الصدق والكذب جميعا، وتتعدى بذلك مبدأ الثالث المرفوع. لقد أعجز العمالقة الحكم على إجابته بالصدق أو بالكذب، وفوت عليهم فرصة التضحية به على أحد المذبحين!
وقد وضع المنطقي إ. هايتنج
15
منطقا اقتدى فيه بأنموذج المنطق التقليدي، ولكنه استبعد منه مبدأ الثالث المرفوع؛ فهو منطق ذو قيم ثلاثة؛ ما يمكن البرهنة على أنه صدق، وما يمكن البرهنة على أنه كذب، وما لا يمكن البرهنة على صدقه أو كذبه، ويعبر عن هذه القيم في حساب القضايا المنطقية على هذا النحو العددي: صادق = 1، كاذب = 0، لا صادق ولا كاذب = 1. والنتيجة الهامة المترتبة على ذلك هي نبذ المساواة التقليدية في القيمة بين الإيجاب والنفي المزدوج، بحيث لا يبقى لمبدأ عدم التناقض، الذي يقوم كما رأينا على مبدأ الثالث المرفوع، غير قيمة واهية؛ إذ يمكن للنفي المزدوج في هذه الحالة أن يتعلق بالقضية الصادقة أو بالقضية التي لا سبيل للبرهنة على صدقها أو كذبها سواء بسواء.
أما ريشنباخ فقد ذهب مذهبا آخر، لقد أراد أن يدخل على المنطق حساب احتمالات يسلم فيه بقيم ثلاث: 1، 0، 1 / 2 حيث تكون 1 / 2 هي القيمة المنطقية غير المحددة. هذه القيمة الثالثة هي النتيجة المترتبة على فزياء الكم، أو بعبارة أدق على علاقة عدم التحدد التي قال بها هيزنبرج. وبذلك يكون المنطق التقليدي الذي وضع أرسطو بناءه المتكامل، وظن الفلاسفة إلى عهد «كانت» أنه لا يمكن إضافة شيء جديد إليه، أقول يصبح هذا المنطق التقليدي مجرد حالة خاصة من حالات منطق الاحتمالات، لا يراعى فيه الاحتمالان المتطرفان، ونعني بهما الاحتمالية اللامتناهية، أو اليقين، واحتمالية الصفر أو الكذب (وقريب من هذا محاولات ج. ل. ديفوش في إقامة منطق عام يضع فيه الأساس المنطقي للفزياء الحديثة).
والحق أن محاولات أصحاب المنطق ذي القيم الثلاث (بل وأصحاب المنطق ذي القيم المتعددة إلى ما لا نهاية له من القيم مثل لوكازيفتش وأتباعه) لها ما يبررها من الواقع العلمي الحديث؛ فالموقف الحاضر في العلم الطبيعي في الرياضة والفزياء على السواء، قد لفت أنظار العلماء إلى مراجعة الأسس التي يقوم عليها المنطق وتعديل شكلها التقليدي، وإعادة النظر في مجموعة المسلمات البديهية التي يقوم عليها الفكر، وبخاصة بعد أن تبين لهم من نتائج البحوث في بعض فروع الرياضة والفزياء والرياضية أن بعض البديهيات الواضحة لم تعد من البداهة والوضوح بما كانت عليه من قبل. وليس هنا مكان التعرض لهذه المشكلات وتتبع تطورها منذ احتدام أزمة الأسس الرياضية إلى اليوم. إن ما نريده لا يتعدى الإشارة إلى الفكرة الرئيسة التي قدح بها بروور ومدرسته شرارة تلك الأزمة، وإلى إمكانية وجود قيمة ثالثة بين الصدق والكذب من وجهة النظر الصورية البحتة؛ أي صلاحية مبدأ الثالث المرفوع كمبدأ ومثال منطقي. (أ)
فبالنسبة للأعداد التي لم تحدد بعد في متتالية حرة (ف) مثل 1، 6، 28، 3، 9، 11 ... تكون القضية القائلة إن «ف تحتوي على العدد 4» قضية مستحيلة وخالية من كل معنى مثلها في ذلك مثل القضية الأخرى القائلة «إن ف لا تحتوي على العدد 4».
16
Shafi da ba'a sani ba