Albert Camus: Kokarin Nazarin Tunaninsa na Falsafa
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
Nau'ikan
تمثل هذه النزعة فلسفتا شتيرنر
57
ونيتشه؛ فالفردية الأنانية تصل مع شتيرنر إلى ذروتها؛ فليس هناك إلا حرية واحدة هي قوتي، وليس هناك إلا حقيقة واحدة هي الأنا المفردة. ويصبح التأكيد المطلق أشبه بطوفان يجرف معه كل نفي أو اعتراض.
58
وإذا كان الله قد مات بظهور نيتشه فقد وضع شتيرنر من قبل بكتابه «الفرد وملكيته» (الذي ظهر في عام 1845م) أساس العدمية الشاملة، وبدأ يسير في المتاهة التي ينبغي الآن عبورها، ويكشف عن الفراغ المفزع الذي ينبغي الآن أن يملأ بقانون جديد.
كان شتيرنر يريد أن يميت في الإنسان كل فكرة عن الله. ولم يكافح الله وحده، بل كافح مادية فويرباخ، والروح المطلقة عند هيجل، وتجسدها التاريخي؛ أي الدولة. كل هذه الأصنام قد ولدت في رأيه من «نزعة منغولية» واحدة. وهي الاعتقاد في الأفكار الأبدية الخالدة؛ ومن ثم فقد استطاع أن يكتب فيقول: «لقد أقمت قضيتي على العدم.» إن الله بالنسبة إليه هو العدو الأول. وهو يذهب في التجديف إلى أبعد حد ممكن: «ابتلع الوحش، وبذلك تتخلص منه.» ولكن الله ليس إلا إحدى المظاهر الأجنبية للأنا. سقراط، ويسوع، وديكارت، وهيجل، كل الفلاسفة والأنبياء لم يزيدوا عن اختراع صور مختلفة من المظاهر الأجنبية عن هذه الأنا التي تكون وجودي، والتي لا تستطيع الأسماء أن تسميها، لأنها شيء فريد ووحيد. وليس تاريخ العالم إلا انتهاكا متصلا لهذا المبدأ الوحيد، المتجسد، الحي، الذي يكون وجود الأنا لدي، مبدأ الانتصار الذي أرادوا له أن يخضع تحت نير التجريدات المتعاقبة، سواء أكانت هي الله، أو الدولة، أو المجتمع، أو الإنسانية، أو ما شاءوا لها من أسماء. الأبدية كلها كذبة كبيرة. والأنا الأوحد هو الحقيقة الوحيدة، هو عدو كل ما هو أبدي، وعدو كل ما يعوق شهوته في السيادة والتحكم.
وهكذا يصبح النفي، الذي يحيا عليه كل تمرد، عند شتيرنر طوفانا يجرف معه كل تأكيد وإيجاب. إنه يزيل من طريقه كل ما حاول الإنسان أن يضعه في مكان الله، ويملأ به ضميره. حتى الثورة يمجها هذا المتمرد الغريب؛ فلا بد للإنسان لكي يكون ثائرا من أن يؤمن بشيء؛ حيث لا شيء هناك يمكنه أن يؤمن به: «لقد انتهت الثورة (الفرنسية) إلى الرجعية، وهذا يبين ما هي الثورة في الحقيقة.» والخضوع للإنسانية يصبح شيئا عقيما، مثله في ذلك مثل الخضوع لله. وإذن فما من حرية في نظر شتيرنر إلا «قوتي»، وما من حقيقة إلا «الأنانية الرائعة للنجوم».
59
المتمرد لا يلتقي مع غيره من الناس إلا بمقدار ما تتفق أنانيتهم مع أنانيته. إن حياته الحقة في الوحدة؛ حيث يشبع شهوته غير المحدودة إلى الوجود.
هكذا تصل الفردية إلى قمتها. إنها نفي لكل ما ينكر الفرد، وتمجيد لكل ما يسبح بحمده ويضع نفسه في خدمته. الخير عندها هو كل ما تستطيع أن تستخدمه في صالحها، وكل ما تقدر عليه فهو من حقها. وإذا كانت الأنا بطبيعتها تقف من الدولة والشعب موقف المجرم، فلنتعلم أن الحياة مساوية للتعدي على الحياة. ولا مفر لمن لا يريد أن يموت من أن يقتل، حتى يكون وحيدا. وهكذا يؤدي التمرد مرة أخرى إلى تبرير الجريمة. ويصبح القتل نوعا من الانتحار الجمعي بالجملة، وتسقط الروح المتمردة في ليل العماء ، لتفتش هناك عن متعتها الكئيبة المفزعة فوق أطلال العالم المنهار. ولا يعود ثمة عزاء إلا في العدم الشامل أو في البعث الجديد. ولا يبقى أمام شتيرنر وأمثاله من المتمردين العدميين إلا أن يندفعوا إلى هذا الحد الأخير، نشاوى من خمرة الدمار والتخريب.
Shafi da ba'a sani ba