Albert Camus: Gabatarwa Ta Takaice
ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
الفصل الخامس
كامو وسارتر - الشقاقات التي جعلتهما لا ينفصلان
عندما نشر كل من رواية «الغريب» وكتاب «أسطورة سيزيف» لكامو عام 1942، كان جان بول سارتر مؤلفا راسخا ومعروفا بالفعل. لكن كامو وسارتر لم يلتقيا بعد. يعزى جزء من شهرة سارتر إلى نشر روايته الأولى «الغثيان» عام 1938، التي يواجه فيها معلم في مدينة ريفية لحظات عميقة من الشك الوجودي بينما يحدق في جذور شجرة. انتشرت الرواية انتشار النار في الهشيم في المجتمع الأدبي الباريسي. وتتشابه رواية «الغريب» مع رواية «الغثيان» في كثير من الجوانب، فهما تحكيان قصة رجل ساخط ومنعزل يشك في كل شيء حوله: المجتمع ومعنى الحياة. ومع ذلك، فإنهما روايتان مختلفتان أيضا: في رواية «الغثيان» تثير الطبيعة القلق الوجودي، لكن الفن - في شكل موسيقى الجاز - يداويه (أو يعطي أملا)، بينما في «الغريب» تهدئ الطبيعة من قلق ميرسو الوجودي، ويغيب الفن.
في عامي 1938 و1939 استعرض كامو رواية «الغثيان» ومجموعة القصص القصيرة بعنوان (الجدار) التي تبعتها. وكان النقد مزيجا من المديح الواجب والانتقاص الحاذق. كتب كامو أنه أحب نصف الرواية، لكن لم يحب الجزء الذي اعتبر أنه محاضرات حول الفلسفة . فامتدح النواحي الإبداعية في الرواية لكنه لم يعجب بالتأملات الفلسفية؛ المزج بين الاثنين جعل من المستحيل في رأي كامو النظر إلى «الغثيان» على أنها رواية أو عمل فني من أي نوع. فوق ذلك، رأى كامو إيمان سارتر بقدرة الفن على توفير أمل في إيجاد معنى للحياة أمرا يكاد يكون مثيرا للضحك. من وجهة نظر كامو، لا شيء يمكنه أن يتسامى على عبثية الحياة. وقد انتهت الفقرة الأخيرة في نقده الأول بنبرة عالية التناقض إلى حد ما. حيث يمدح كامو «موهبة سارتر اللامحدودة»، معلنا أنه ينتظر بشغف الأعمال القادمة، ومضيفا - بسخرية - دروس سارتر أيضا. من الواضح أن كامو كان يتسخط من شخصية البروفيسور الكامنة في سارتر.
عندما كتب سارتر مقالا نقديا عن رواية «الغريب» بعدها بأربع سنوات، كان ذلك من موضع قوة؛ إذ كان سارتر مؤلفا متمكنا. كان وضع سارتر أيضا نابعا من عمله الأكاديمي المرموق بعنوان «رحلات»: كان سارتر عضوا في «المدرسة العليا للأساتذة» النخبوية إلى جانب رفيقة عمره سيمون دي بوفوار. وهذا على النقيض من كامو. من المفهوم أن سخط كامو تجاه النظام التعليمي الفرنسي كان سيلقي بظلاله على سارتر، أحد ألمع نجوم هذا النظام.
ولذا، فمن دواعي المفارقة أن سارتر عندما كتب مقاله النقدي عن «الغريب» و«أسطورة سيزيف» لكامو في فبراير 1943، كان نقده يبدو إلى حد كبير تقريرا مفصلا أو درسا، حتى من العنوان «تفسير لرواية الغريب» نفسه. كان سارتر أشد قسوة مع كامو فيما يتعلق بالفلسفة بالطبع. ففي صفحتين من مقاله النقدي، أسدى سارتر نصائح إلى كامو فيما يتعلق بكتابته في «أسطورة سيزيف» كما لو كان تلميذا، بل تلميذا غير كفء في ذلك الصدد: «يريد كامو أن ينال الرضا باقتباسه نصوصا من ياسبرس، وهايدجر، وكيركجارد، والتي يبدو على الدوام أنه لا يفهمها.» (رددت دي بوفوار هذا النقد لاحقا، حيث كتبت في مذكراتها أن كامو «كان يطالع الكتب، لكنه لم يكن يفهمها».) استمر سارتر على هذا المنوال بقوله إن كامو «يثرثر» في «أسطورة سيزيف» رغم زعمه ب «حبه للصمت». ولم يعتبر كامو «الغثيان» رواية أصيلة بحق، وفي المقابل كان سارتر متشككا في إذا ما كانت رواية «الغريب» تستأهل هذا الوصف. واختتم سارتر بأن كامو لم ينجح في تحقيق مبتغاه.
كتبت هذه التقييمات عن كامو من قبل ناقد كان يفوقه في ذلك الوقت في معرفته الفلسفية ومكانته الأدبية. فكيف استجاب كامو لذلك؟ شكا إلى معلمه جين جرينييه «النبرة اللاذعة» للنقد، لكنه أيضا أقر بنزاهة بمقدرة سارتر الثقافية: «في كثير من المناسبات تساعدني على فهم ما كنت أحاول أن أقوم به». كانت الكلمات القليلة الأخيرة تلك شهادة تامة؛ إذ يعترف كامو بالفعل أن في مقدور سارتر فهم أعماله أفضل مما يفهمها هو.
شكل 5-1: جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار.
عندما التقى الكاتبان لأول مرة، في باريس المحتلة بعد شهور قليلة من نقد سارتر، سرعان ما أصبحا صديقين، كانا عادة ما يلتقيان في المقاهي (انظر شكل
5-1 ) - أحد الأماكن القليلة التي كان بها تدفئة خلال الاحتلال النازي - فيتحدثان، ويشربان، ويمازحان بعضهما بعضا. أعجب سارتر بكامو خصوصا لما وصفته بوفوار في مذكراتها ب أساليبه « المشاكسة» - على عكس نثره المتأني. لم يكن كامو متكلفا كصديقيه الباريسيين الجديدين؛ على سبيل المثال، عندما يكونون في الشارع أو المقهى، ويرى امرأة يعتقد أنها جذابة، يقطع كامو الحديث على الفور، فيتوقف عن الحديث أو الإصغاء ويحدق بزهو في موضع اهتمامه. بعد ذلك بعقد من الزمن، سيعلن كلامنس، وهو الشخصية الرئيسية في رواية «السقطة»، أنه يفضل أن يحادث امرأة جذابة على الحديث مع أينشتاين. أراد كامو أن يرى مثل شخصية دون خوان الأسطورية، وبالفعل كان يتصرف مثله؛ إذ كانت له علاقات غرامية كثيرة طوال حياته، وعادة ما كانت متداخلة.
Shafi da ba'a sani ba