Albert Camus: Gabatarwa Ta Takaice
ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
لا يمكن فصل المسرحية عن مقال كامو اللاحق لها عن التمرد بعنوان «الإنسان المتمرد»؛ لأنه يمثل التحول الموضعي لمقال نشره كامو قبل مسرحية «القتلة المنصفون»، والذي سيعيد إضافته لاحقا في مسرحية «الإنسان المتمرد». هذا المقال الطويل هو استمرار لهجمة كامو المتعددة المحاور على الشيوعية والثورة. إنه يمثل للتمرد ما تمثله «أسطورة سيزيف» للعبث: مخطط تفصيلي.
يبدأ كامو «الإنسان المتمرد» بإعادة النظر في العبث. لقد أعيدت صياغته على أنه نقطة بدء للتمرد. يعلن كامو أنه لا يعتقد في شيء، وأن كل شيء عبث، لكن اعتقاده هذا في حد ذاته يعد تمردا واحتجاجا. يولد التمرد من العبث، من غياب المعنى؛ إنه رد فعل تجاه عبثية الحياة. ويتمثل الخلاف الأكبر مع العبث في أن العبث لا يملك مكونا أخلاقيا (القتل مسموح به)، والتمرد رد فعل تجاه ذلك أيضا. بالنسبة إلى كامو التمرد هو نقطة الانفصال، رد فعل وجودي، هو أشبه بقول أحدهم لا يمكنني الاستمرار على هذا النحو! في أحد الأمثلة الأولى يستخدم كامو مكونا اجتماعيا غير مألوف: اللحظة التي يقول فيها العبد «كفى!». رغم ذلك، لا يعالج كامو ما يحدث بعد ذلك: التمرد الكاموي ينص على عنف محدود ومؤقت، وغير منظم، يرتبط باللحظة فقط.
بغض النظر عن مثال العبد، النقطة المحورية هي أن التمرد مقتصر على أوروبا: «مشكلة التمرد لها معنى في مجتمعنا الغربي فقط»، يضيف كامو أنه «من الصعب على التمرد أن يعبر عن نفسه في مجتمعات ذات تفاوتات بالغة الاتساع». ويكتب كامو أيضا أن التمرد لا يمكن أن يحدث في المجتمعات التي يكون فيها للمقدسات شأن كبير؛ في رأيه، تلك المجتمعات لم تتصالح بعد مع العبث. وبالتأكيد تعبيره الذي يفصل بين أوروبا وبقية العالم هو ترديد لأفكاره عن «صدام الحضارات» القادم الذي يشغله، الذي كتب عنه في «لا ضحايا ولا جلادون».
المفارقة في «الإنسان المتمرد» هو أن كامو في معظم صفحاته الكثيرة يصف ما ليس بالتمرد. يحتوي «الإنسان المتمرد» على قائمة طويلة من الأمثلة المضادة - عن الأعداء من كل نوع وعلى كل صعيد: السياسي (النازيون والشيوعيون)، والتاريخي (الثورة)، والفلسفي (هيجل). على سبيل المثال، يشتبك كامو مع ماركيز دي ساد (المؤلف الفرنسي الشهير الذي أدت قصصه الإباحية وأفعاله الخلاعية إلى ظهور كلمة السادية، واشتهر عنه أنه سجن بالباستيل) لأنه كان مساقا ب «كراهيته المطلقة» للآخرين. وينتقد كامو الكتاب الرومانسيين؛ لأن تمردهم محدود وفردي وشديد الارتباط بالأدب. كما يناقش «الإخوة كارامازوف» لدوستويفسكي، لكنه يراها تقدم طريقا مسدودا؛ لأن رفض كارامازوف لحقيقة الإله قاده إلى الجنون الذي به «كل شيء مسموح»، في عودة إلى العدمية المقترنة بالعبث.
يناقش كامو أيضا التمرد الإنساني بوصفه تعبيرا فنيا، وهنا يرى التمرد شيئا وجوديا، لا اجتماعيا. ومع التقدم في الكتاب، تصبح نبرته أقذع. فيصدر كامو مراسيم عن الطبيعة البشرية وعما يجب أن نعتقده وألا نعتقده. إنه يلوح مهددا بغاية إنسانية مبهمة في وجه كل مشاريع التحرر الواسعة النطاق. فأي معارضة لوجهة نظر كامو تصبح صوتا مؤيدا للقتل الجماعي و«العبودية». كانت عبارته باتة ولا تحتمل أي نقاش.
المعضلة هي أن كامو عندما يقصر على الأوربيين تلك المسائل المتعلقة بالطبيعة البشرية والتمرد - على سبيل المثال - فإنه يجعل نفسه عرضة للنقد القائل بأنه هو نفسه المخلص المنتظر الذي ينطق بالحقائق، ذلك المخلص الذي ينتقده كامو نفسه في كل موضع آخر في المقال.
ينتهي المقال بإشارة مديح ذات نزعة إقليمية غريبة ل «الفكر المتوسطي»، الذي يترادف عند كامو مع سمات ثقافية متميزة وواضحة، والتي تتضمن حساسية فريدة تجاه الطبيعة وعلاقة متميزة مع الشمس. بالتأكيد، كان كامو ممتنا لأنه ولد في تلك المنطقة من العالم وليس في مدن الطبقة العاملة في فرنسا:
يا له من حظ سعيد أن تولد في عالم تلال تيبازة بدلا من سان إتيان أو روبيه. أعرف حظي وأتعامل معه بامتنان.
تلقى هذا المقطع قدرا وافيا من النقد. هل يمكن، كما يحاول كامو أن يقول، أن يرتبط فكر من نوع خاص ونظرة خاصة للعالم بالجغرافيا وأنماط الطقس؟ في ذلك الوقت، لم يقتنع كثير من النقاد بذلك.
دفعت النبرة المتصلبة واستبعاد غير الأوروبيين من التمرد، والمساواة بين النازية والشيوعية، كثيرا من المثقفين من كل الاتجاهات إلى انتقاد الكتاب بقسوة بعد نشره. وعلى الرغم من أن كامو لم يرد ذلك في البداية، إلا أن جان بول سارتر، وهو صديق كامو القديم، صار فيما بعد الناقد الأقوى لكتاب «الإنسان المتمرد»، بل والأكثر إقناعا. كان ذلك بداية أهم شقاق علني بين اثنين من أشهر مثقفي فرنسا في ذلك الوقت.
Shafi da ba'a sani ba