الرحمن الرحيم (162) إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف
وهذه العبارة في توحيد الله في الإلهية ونفي ما عداه فيها أوضح من ان تشوش بقواعد الإعراب ( الرحمن الرحيم ) وقد مر تفسير الكلمتين في بسملة الفاتحة. ولعمر الحق ان مضمون هذه الآية الكريمة في وجود الإله ووحدانيته في الإلهية وإبداع العالم بحكمته وارادته ورحمانيته ورحمته امر تجلوه الفطرة للعقول الحرة بأوضح المجالي. ولكن الله جلت آلاؤه شاء بلطفه ان يستلفت العقول الى ذلك بالحجة القيمة بنحو يكتفي منه العامي بنظرته البسيطة ويستنبط العالم لها بحسب استعداده في العلوم من كل شيء يجلوه العلم برهانا كافيا. فذكر هنا جلت الطافه بعض الآيات المشاهدة من خليقته وقال 162 ( إن في خلق السماوات ) وما يرى فيها من الكواكب الثابتة والسيارات المرتفعة بعضها عن بعض على مدار مخصوص والمستمرة كل على سيره المنتظم على منطقة البروج فضلا عما يعرف بالعلم من فوائد سير السيار على تلك المنطقة ( والأرض ) وما فيها من الجبال وحكمها الباهرة. ومنها تفجر العيون من أعاليها وإخراج النار من براكينها. ومن انواع المعادن. ومن البحار وتياراتها وما في ذلك من الحكم ( واختلاف الليل والنهار ) على نظام موزون مستمر متماثل في ايام السنين يزيد النهار في كل محل من نصف الأرض الشمالي بمقدار ما ينقص في ذلك اليوم من مثل ذلك المحل في العرض من النصف الجنوبي. وتجري نقيصة الليل وزيادته على عكس النهار في المحال المتماثلة في العرض من النصفين ( والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ) من تجارة البلدان النائية والوصول الى البلاد البعيدة وكيف سخرت لها الرياح المسماة بالتجارية. فترى السفن تجري في زمان واحد وبحر واحد كل الى مقصدها شمالا او جنوبا او شرقا او غربا ( وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض ) بالنبات والشجر والنمو ( بعد موتها ) بكونها قاحلة ماحلة وأوجد فيها روح قوة الإنبات لا تحصل بالدوامل (1) العادية. ولا الماء الجاري نعم قد يحصل من القوة شيء باطيان الفيضان المتشبعة بروح المطر ( وبث فيها من كل دابة ) ببركة إحيائها ( وتصريف الرياح ) التي يسمونها استوائية
Shafi 143