Al-Zawajir 'an Iqtiraf al-Kaba'ir

Ibn Hajar Haytami d. 974 AH
32

Al-Zawajir 'an Iqtiraf al-Kaba'ir

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

الْكَامِلَ الْمُرَادَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، ثُمَّ سُلُوكَ سَبِيلِ الْمُهْتَدِينَ مِنْ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَشُهُودِهِ، وَإِدَامَةِ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ وَالْإِقْبَالِ بِالْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَالِهِ وَحَالِهِ وَدُعَائِهِ وَإِخْلَاصِهِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ﴾ [القصص: ٦٧]، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا قِيلَ: (عَسَى): مِنْ اللَّهِ وَاجِبَةُ الْوُقُوعِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤]، وَفِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَلَمْ يَخْشَ تَذَكُّرًا وَخَشْيَةً نَافِعَيْنِ لَهُ، بَلْ نَبَّهَك اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّك إذَا تُبْت تَوْبَةً نَصُوحًا وَآمَنْت إيمَانًا كَامِلًا وَعَمِلْت صَالِحًا كُنْت عَلَى رَجَاءِ حُصُولِ الْفَلَاحِ لَك وَالْهِدَايَةِ وَالْقُرْبِ مِنْ حَضْرَةِ الْحَقِّ؛ فَإِيَّاكَ وَأَنْ تَأْمَنَ مَكْرَ اللَّهِ وَإِنْ وَصَلْتَ إلَى مَا وَصَلْتَ. ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٩] وَاسْتَحْضِرْ قَوْله تَعَالَى: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٨] وَقَوْلَهُ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ - إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ - وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ [هود: ١٠٢ - ١٠٤] ﴿يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥] ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦] الْآيَةَ، وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ [مريم: ٧١] ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: ٧٢] وَقَوْلَهُ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣] وَقَوْلَهُ: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٢٠] وَقَوْلَهُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] وَقَوْلَهُ: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ [العصر: ١] ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢] ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: ٣] . فَانْظُرْ بِعَيْنِ بَصِيرَتِك وَنُورِ سَرِيرَتِك إلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ إذْ أَلْ فِيهِ لِلْعُمُومِ وَالِاسْتِغْرَاقِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّهُ خَاسِرٌ إلَّا مَنْ جَمَعَ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ فَإِنَّهُ الَّذِي يَنْجُو مِنْ الْخُسْرَانِ الْمُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ: الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ بِأَنْ يَتَلَبَّسُوا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ وَالشُّرُوطِ فِي سَائِرِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ فَلَا يُوجَدُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ أَخْلَصُوا فِيهِ وَابْتَغَوْا

1 / 35