التلويح في كشف حقائق التنقيح

Al-Taftazani d. 792 AH
54

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Mai Buga Littafi

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Lambar Fassara

١٣٧٧ هـ

Shekarar Bugawa

١٩٥٧ م

Inda aka buga

مصر

Nau'ikan

Usul al-Fiqh
فَلِهَذَا لَمْ أُورِدْ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمَتْنِ، بَلْ قُلْت إنَّ الْقُرْآنَ عِبَارَةٌ عَنْ النَّظْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى وَمَشَايِخُنَا قَالُوا: إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ النَّظْمُ وَالْمَعْنَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ النَّظْمُ الدَّالُّ عَلَى الْمَعْنَى فَاخْتَرْت هَذِهِ الْعِبَارَةَ. (بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ لَهُ) هَذَا هُوَ التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ مِنْ التَّقَاسِيمِ الْأَرْبَعَةِ فَيَنْقَسِمُ ــ [التلويح] إذْ لَا يَتَّضِحُ لِأَحَدٍ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ صَنَّفَ الْكَرْخِيُّ فِيهَا تَصْنِيفًا طَوِيلًا وَلَمْ يَأْتِ بِدَلِيلٍ شَافٍ. (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ) بَيَانٌ لِلتَّقْسِيمَاتِ الْأَرْبَعِ إجْمَالًا وَفِي لَفْظِ ثُمَّ دَلَالَةٌ عَلَى تَرْتِيبِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ فِي الِاعْتِبَارِ هُوَ وَضْعُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى ثُمَّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، ثُمَّ ظُهُورُ الْمَعْنَى، وَخَفَاؤُهُ مِنْ اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ الْبَحْثُ عَنْ كَيْفِيَّةِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلِ هُوَ فِيهِ ظَاهِرًا كَانَ أَوْ خَفِيًّا وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ قَدَّمَ التَّقْسِيمَ بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ الْمَعْنَى وَخَفَائِهِ عَنْ اللَّفْظِ عَلَى التَّقْسِيمِ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْنَى نَظَرًا إلَى أَنَّ التَّصْرِيفَ فِي الْكَلَامِ نَوْعَانِ تَصَرُّفٌ فِي اللَّفْظِ، وَتَصَرُّفٌ فِي الْمَعْنَى وَالْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ، ثُمَّ الِاسْتِعْمَالُ مُرَتَّبٌ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَأَنَّهُ لُوحِظَ أَوَّلًا الْمَعْنَى ظُهُورًا أَوْ خَفَاءً، ثُمَّ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ فَاللَّفْظُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْنَى يَنْقَسِمُ بِالتَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ عِنْدَ الْقَوْمِ إلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَالْمُشْتَرَكِ وَالْمُؤَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، فَإِمَّا عَلَى الِانْفِرَادِ وَهُوَ الْخَاصُّ، أَوْ عَلَى الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَهُوَ الْعَامُّ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَإِنْ تَرَجَّحَ الْبَعْضُ عَلَى الْبَاقِي فَهُوَ الْمُؤَوَّلُ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُشْتَرَكُ وَالْمُصَنِّفُ أَسْقَطَ الْمُؤَوَّلَ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ، وَأَدْرَجَ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ، وَبِالتَّقْسِيمِ الثَّانِي إلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ وَالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَوْضُوعِهِ فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا فَمَجَازٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إنْ ظَهَرَ مُرَادُهُ فَصَرِيحٌ، وَإِنْ اسْتَتَرَ فَكِنَايَةٌ، وَبِالتَّقْسِيمِ الثَّالِثِ إلَى الظَّاهِرِ وَالنَّصِّ وَالْمُفَسَّرِ وَالْمُحْكَمِ وَإِلَى مُقَابِلَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ ظَهَرَ مَعْنَاهُ فَإِمَّا أَنْ يَحْتَمِلَ التَّأْوِيلَ أَوْ لَا، فَإِنْ احْتَمَلَ، فَإِنْ كَانَ ظُهُورُ مَعْنَاهُ لِمُجَرَّدِ صِيغَتِهِ فَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَّا فَهُوَ النَّصُّ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ، فَإِنْ قَبِلَ النَّسْخَ فَهُوَ الْمُفَسَّرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ الْمُحْكَمُ، وَإِنْ خَفِيَ مَعْنَاهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَفَاؤُهُ لِغَيْرِ الصِّيغَةِ فَهُوَ الْخَفِيُّ أَوْ لِنَفْسِهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ إدْرَاكُهُ بِالتَّأَمُّلِ فَهُوَ الْمُشْكِلُ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ الْبَيَانُ مَرْجُوًّا فِيهِ فَهُوَ الْمُجْمَلُ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُتَشَابِهُ وَبِالتَّقْسِيمِ الرَّابِعِ إلَى الدَّالِّ بِطَرِيقِ الْعِبَارَةِ وَبِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ، وَبِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ، وَبِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى الْمَعْنَى بِالنَّظْمِ، فَإِنْ كَانَ مَسُوقًا لَهُ فَعِبَارَةٌ وَإِلَّا فَإِشَارَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِالنَّظْمِ، فَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ فَالْمَفْهُومُ لُغَةً فَهُوَ الدَّلَالَةُ وَإِلَّا فَهُوَ الِاقْتِضَاءُ وَالْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ هُوَ الِاسْتِقْرَاءُ إلَّا أَنَّ هَذَا وَجْهُ الضَّبْطِ، فَإِنْ قُلْت مِنْ حَقِّ الْأَقْسَامِ التَّبَايُنُ وَالِاخْتِلَافُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ ضَرُورَةً صَدَقَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا لَا يَخْفَى. قُلْت هَذِهِ تَقْسِيمَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلَا يَلْزَمُ التَّبَايُنُ، وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ جَمِيعِ أَقْسَامِهَا بَلْ بَيْنَ الْأَقْسَامِ الْخَارِجَةِ مِنْ تَقْسِيمٍ، وَهَذَا كَمَا يُقَسَّمُ الِاسْمُ تَارَةً إلَى الْمُعْرَبِ

1 / 55