52

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Mai Buga Littafi

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده

Shekarar Bugawa

1377 AH

Inda aka buga

مصر

Nau'ikan

Usul al-Fiqh
قُسِّمَ اللَّفْظُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْنَى أَرْبَعُ تَقْسِيمَاتٍ) الْمُرَادُ بِالنَّظْمِ هَاهُنَا اللَّفْظُ إلَّا أَنَّ فِي إطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى الْقُرْآنِ نَوْعَ سُوءِ أَدَبٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الْأَصْلِ إسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْ الْفَمِ فَلِهَذَا اخْتَارَ النَّظْمَ مَقَامَ اللَّفْظِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ النَّظْمَ
ــ
[التلويح]
وَالثَّابِتِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ أَقْسَامَ التَّقْسِيمِ الرَّابِعِ أَقْسَامٌ لِلْمَعْنَى وَالْبَوَاقِي لِلنَّظْمِ وَبَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ وَالِاقْتِضَاءَ أَقْسَامٌ لِلْمَعْنَى وَلِلْبَوَاقِي لِلنَّظْمِ.
وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْجَمِيعَ أَقْسَامُ اللَّفْظِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْنَى أَخْذًا بِالْحَاصِلِ وَمَيْلًا إلَى الضَّبْطِ بِأَقْسَامِ التَّقْسِيمِ الرَّابِعِ هُوَ الدَّالُّ بِطَرِيقِ الْعِبَارَةِ وَالْإِشَارَةِ، وَالدَّالَّةُ وَالِاقْتِضَاءُ وَعَدَمُ الِالْتِفَاتِ إلَى الْعِبَارَاتِ وَاخْتِلَافِهَا مِنْ دَأْبِ الْمَشَايِخِ وَعَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْسِيمِ اللَّفْظِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْنَى يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ أَقْسَامُ النَّظْمِ وَالْمَعْنَى كَمَا قَالُوا الْقُرْآنُ هُوَ النَّظْمُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا وَأَرَادُوا أَنَّهُ النَّظْمُ الدَّالُّ عَلَى الْمَعْنَى لِلْقَطْعِ بِأَنَّ كَوْنَهُ عَرَبِيًّا مَكْتُوبًا فِي الْمَصَاحِفِ مَنْقُولًا بِالتَّوَاتُرِ صِفَةٌ لِلَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى لَا لِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَكَذَا الْإِعْجَازُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَلَاغَةِ، وَهِيَ مِنْ الصِّفَاتِ الرَّاجِعَةِ إلَى اللَّفْظِ بِاعْتِبَارِ إفَادَتِهِ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ إذَا قُصِدَتْ تَأْدِيَةُ الْمَعَانِي بِالتَّرَاكِيبِ حَدَثَتْ أَغْرَاضٌ مُخْتَلِفَةٌ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ كَيْفِيَّاتٍ وَخُصُوصِيَّاتٍ فِي النَّظْمِ، فَإِنْ رُوعِيَتْ عَلَى مَا يَنْبَغِي بِقَدْرِ الطَّاقَةِ صَارَ الْكَلَامُ بَلِيغًا، وَإِذَا بَلَغَ فِي ذَلِكَ حَدًّا يَمْتَنِعُ مُعَارَضَتُهُ صَارَ مُعْجِزًا فَالْإِعْجَازُ صِفَةُ النَّظْمِ بِاعْتِبَارِ إفَادَتِهِ الْمَعْنَى لَا صِفَةُ النَّظْمِ وَالْمَعْنَى، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَعْنَى الْقُرْآنِ نَفْسِهِ أَيْضًا مُعْجِزٌ؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ كَمَا نُقِلَ أَنَّ تَفْسِيرَ الْفَاتِحَةِ أَوْقَارٌ مِنْ الْعِلْمِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَيْضًا مِنْ إعْجَازِ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مِنْ الْمَعَانِي مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامٌ آخَرُ، وَمَقْصُودُ الْمَشَايِخِ مِنْ قَوْلِهِمْ هُوَ النَّظْمُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا دَفْعُ التَّوَهُّمِ النَّاشِئِ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْقُرْآنَ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْمَعْنَى خَاصَّةً (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالنَّظْمِ هَاهُنَا اللَّفْظُ) لَا يُقَالُ النَّظْمُ عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْمُحَقِّقُونَ هُوَ تَرْتِيبُ الْأَلْفَاظِ مُتَرَتِّبَةَ الْمَعَانِي مُتَنَاسِقَةَ الدَّلَالَاتِ عَلَى وَفْقِ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ لَا تَوَالِيهَا فِي النُّطْقِ، وَضَمُّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ كَيْفَمَا اُتُّفِقَ، أَوْ هُوَ الْأَلْفَاظُ الْمُتَرَتِّبَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ حَتَّى لَوْ قِيلَ فِي،
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ
نَبْكِ قِفَا مِنْ حَبِيبٍ ذِكْرَى كَانَ لَفْظًا لَا نَظْمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ يُطْلَقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى الْمُفْرَدِ حَيْثُ يَنْقَسِمُ إلَى الْخَاصِّ، وَالْعَامِّ وَالْمُشْتَرَكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ لَا غَيْرُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِأَقْسَامِ النَّظْمِ الْأَقْسَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّظْمِ بِأَنْ تَقَعَ صِفَةً لِمُفْرَدَاتِهِ، وَالْأَلْفَاظِ الْوَاقِعَةِ فِيهِ لَا صِفَةً لِلنَّظْمِ نَفْسِهِ، إذْ الْمَوْصُوفُ بِالْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَالْمُشْتَرَكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عُرْفًا هُوَ اللَّفْظُ دُونَ النَّظْمِ، فَإِنْ قِيلَ كَمَا أَنَّ اللَّفْظَ يُطْلَقُ عَلَى الرَّمْيِ فَكَذَا النَّظْمُ عَلَى الشِّعْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَزَ عَنْ

1 / 53