176

السيرة الحلبية إنسان العيون في سيرة الأمين المامون

السيرة الحلبية إنسان العيون في سيرة الأمين المامون

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Bugun

الثانية

Shekarar Bugawa

1427 AH

Inda aka buga

بيروت

باب: ما حفظه الله تعالى به في صغره ﷺ من أمر الجاهلية
أي من أقذارهم ومعايبهم: أي بحسب ما آل إليه شرعه، لما يريد الله تعالى به من كرامته، حتى صار أحسنهم خلقا، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزيها وتكريما: أي حتى كان ﷺ أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة، وخيرهم جوارا، وأعظمهم حلما وأمانة، وأصدقهم حديثا فسموه الأمين، لما جمع الله ﷿ فيه من الأمور الصالحة الحميدة، والفعال السديدة، من الحلم والصبر، والشكر والعدل، والزهد والتواضع والعفة والجود، والشجاعة والحياء والمروءة.
فمن ذلك ما ذكر ابن إسحق أن رسول الله ﷺ قال: «لقد رأيتني. أي رأيت نفسي- في غلمان من قريش ننقل الحجارة لبعض ما يلعب به الغلمان، كلنا قد تعرّى وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليها الحجارة، فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر، إذ لكمني لاكم: أي من الملائكة ما أراها لكمة وجيعة» وفي لفظ «لكمني لكمة شديدة» .
وقد يقال: لا منافاة، لأنها مع شدتها لم تكن وجيعة له ﷺ: «ثم قال شدّ عليك إزارك، فأخذته فشددته عليّ، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري عليّ من بين أصحابي» أي وقد وقع له ﷺ مثل ذلك: أي نقل الحجارة عاريا عند إصلاح أبي طالب لزمزم.
فعن ابن إسحق وصححه أبو نعيم قال: «كان أبو طالب يعالج زمزم، وكان النبي ﷺ ينقل الحجارة وهو غلام، فأخذ إزاره واتقى به الحجارة فغشي عليه، فلما أفاق سأله أبو طالب، فقال أتاني آت عليه ثياب بيض، فقال لي استتر» فما رؤيت عورته ﷺ من يومئذ.
وفي الخصائص الصغرى: ونهى ﷺ عن التعري وكشف العورة من قبل أن يبعث بخمس سنين. وقد وقع له ﷺ مثل ذلك: أي نهيه عن التعري عند بنيان الكعبة كما سيأتي، وسيأتي ما فيه.
ومن ذلك ما جاء عن علي ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ: يقول «ما هممت بقبيح مما همّ به أهل الجاهلية» أي ويفعلونه «إلا مرتين من الدهر، كلتاهما عصمني الله ﷿ منهما» أي من فعلهما «قلت لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في غنم لأهله يرعاها» أي وفي لفظ «قلت ليلة لبعض فتيان مكة ونحن في رعاية غنم أهلها» لم أقف على اسم هذا الفتى «أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة

1 / 178