بل إنّ الراسخ في علم الفقه ومداركه ومآخذه ومناسباته، القائم على قواعده وأصوله يتيقَّن: أنَّ «كلّ فقهٍ لم يخرَّج على القواعد فليس بشيءٍ»^(١).

والقواعد الفقهية في جامعيّة كَلِمِها، وجلال علمها، وشرف معدِنها هي أولى بقول ذي الرُّمّة، في وصف شعره ونسائه:

غرائبُ قَدْ عُرِفْنَ بكلّ أفْقٍ من الآفاقِ تُفْتَعَلُ افتعالاً

جَمَعْنَ فَخَامَةً وخُلُوصَ عِتْقٍ وحُسْناً بعْدَ ذلك وَاعْتِدَالاً

وقول الآخر أيضاً:

حُزْنَ مُسْتعمَل الكلام اختياراً وتجَنَّبنَ ظُلْمةَ التَّعْقِيدِ

وقد رجوت الله تعالى واستخرته - وسائل الله لا يخيب - أن يكون لي حظٌّ من هذا الخير، بدرس جملةٍ من هذه القواعد الشريفة، وقسم لي - والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ـ موضوع هذا البحث، الذي عنوانه :

«القواعد والضوابط الفقهيّة في أبواب التمليكات الماليّة، عند الإِمام القرافي، من خلال كتابيه الذخيرة والفروق، جمعاً ودراسةً»^(٢).

وهذا بيانٌ مفصّلٌ لمقدِّمة هذه الرِّسالة، من تحديد موضوع البحث، وبيان أهميّته، ودواعي اختياره، ومنهج قسمَيها، وخطة وضعها، وعرضها وكتابتها.

***