34

Fiqh Theories

النظريات الفقهية

Mai Buga Littafi

دار القلم والدار الشامية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1414 AH

Inda aka buga

بيروت

العباد الخالصة، أم من الحقوق المشتركة التي يغلب فيها حق العباد أو حق الله؟

ويلحق بحد القذف عقوبة ديانية واجتماعية وأدبية أخرى نصت عليها الآية الكريمة، وهي الحكم بفسق القاذف، وعدم قبول شهادته، وعدم تصديقه في أقواله ..

ويستثنى من إقامة حد القذف اتهام الرجل لزوجته بالزنا فلا يُقام عليه حد القذف، وإنما شرع في حقهما الملاعنة، لقوله تعالى: ﴿والذينَ يَرْمُونَ أزواجَهُم ولم يَكُن لَهُم شُهداءُ إلا أنفسُهم، فشهادةُ أحدِهم أربعُ شهادات بالله إنّه لمن الصَّادقين، والخامسةُ أنَّ لَعْنَتَ الله عليه إن كان من الكاذبين، وَيَدْرَأُ عنها العذابَ أن تشهدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إنَّهُ لَمِنَ الكاذبين، والخامسةَ أنَّ غضبَ الله عليها إن كانَ من الصادقين﴾ (سورة النور) الآيات: ٦ -٩.

وحد القذف عقوبة فريدة في تاريخ الشرائع والقوانين، وذلك بأن يكون السب والشتم والهذيان باللسان سبباً لعقوبة مقدرة محددة حقاً لله تعالى، بالجلد والضرب، ولا يقبل فيه الصلح والإِبراء والعفو والإسقاط ... وغيرها، خلافاً للقوانين التي تعاقب على القذف والسب بالحبس فلا يرتدع الجاني، ولا ينزجر غيره، بل على العكس فقد زادت هذه الجرائم زيادة عظيمة(١)، وانتشرت على جميع المستويات، وشاعت على الصعيد الرسمي والسياسي بين الحكام والزعماء والرؤساء، وهذا الواقع المؤلم يبين لنا عظمة التشريع السماوي الخالد الذي يضع الدواء الشافي، والعلاج الحاسم، ويهدف إلى استئصال الشر من جذوره، ويريد تطهير المجتمع من بذاءة اللسان، وثرثرة الكلام، وإشاعة الفواحش، وفضح البيوت، واتهام الأعراض، والتشكيك في الأنساب .. ، فأقام حد القذف، وأتبعه بالعقوبات الدنيوية والأخروية، وحذر من هذه الجريمة الشنيعة، ووصم مرتكبها بالفسق وعدم قبول شهادته إلى الأبد، وهدد القاذف بالعذاب العظيم والويلِ الشديد، قال عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الذينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ الغَافِلاتِ المُؤمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنيا والآخرة، ولهم عذابٌ عظيمٌ، يومَ تَشْهد عليهم ألْسِنْتُهم وأيديهم وأرجلُهم بما كانوا يَعْملون، يَوْمئذ يُوَفِّيهم الله دينَهُم

(١) التشريع الجنائي الإسلامي ٦٤٦/١ وما بعدها.

34