ثانياً - أهلية الصغير غير المميز:

إذا انفصل الجنين عن أمه بالولادة حياً أصبح إنساناً كامل الإِنسانية، وله شخصية مستقلة عن أمه، ويتمتع بكيان خاص بذاته، وتثبت له أهلية الوجوب الكاملة، فيصبح أهلاً لثبوت الحقوق له، وتترتب الواجبات عليه، ولكن لا تثبت له أهلية الأداء مطلقاً، لأنها تناط بالعقل والتمييز والإدراك، وتكون أهلية الأداء معدومة لفقدان هذه الصفات، فلا يصلح لصدور التصرفات والعقود منه مطلقاً، ولا يمكنه استعمال الحقوق أو التصرف فيها، وإن صدر منه قول كالبيع والإِجارة، أو فعل كالتسليم أو الاستلام أو القبض، فإنه باطل، ولا يعتبر شرعاً، ويقوم بالنيابة عنه في حفظ أمواله والتصرف بها واستغلالها وشراء ما يلزمه، وفي مباشرة العقود والتصرفات، يقوم عنه وليه أو وصيه - كما سنرى في الولاية والنيابة.

وتمتد هذه المرحلة من الولادة إلى سن التمييز التي قدرها العلماء بسبع سنوات، وبعد هذه السن تبدأ أهلية الأداء في الظهور والوجود، أما أهلية الوجوب الكاملة فتستمر معه حتى الوفاة، لأن مناطها الصفة الإِنسانية، وهي ملازمة له ما دام على قيد الحياة^(١).

أما التكاليف الشرعية من عبادات وعقيدة وأخلاق وعقوبات مدنية وغيرها فلا يكلف بها الصغير؛ لأنها تجب على المكلف، وهو البالغ العاقل، وتتوقف على القدرة الجسدية للأداء، وكل ذلك مفقود عند الصغير.

ويتعلق بأهلية الوجوب الكاملة للصغير غير المميز ما يلي:

أ - ثبوت جميع الحقوق له، فيملك ما يشتري له وليه، أو يُوهب له، كما يقوم عنه وليه أو وصيه بإنشاء جميع العقود التي تعود عليه بالنفع غالباً كالبيع والقرض والرهن والصلح والإِجارة والقسمة، وتثبت له جميع الحقوق