Al-Muuqidhah - T. Rukaz
الموقظة - ط ركائز
Bincike
أحمد بن شهاب حامد
Mai Buga Littafi
دار ركائز للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Inda aka buga
الكويت
Nau'ikan
المُوقِظة
للحافظ المُحدِّث
شمس الدِّين أبي عبد الله محمَّد بن أحمد بن عثمان الذَّهَبيِّ
(المتوفَّى سنة ٧٤٨ هـ)
(محقَّقٌ على ثلاث نسخٍ خطيَّة)
تحقيق وتعليق
أحمد بن شهاب حامد
غفر الله له ولوالدَيه ولمشايخه وللمسلمين
1 / 1
تقديم الشَّيخ عبد العزيز السَّعيد
- وفَّقه الله -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي النَّعماء والجلال والكبرياء، حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، والصَّلاة والسَّلام على المبعوث رحمةً للعالمين، نبيِّنا محمَّدٍ وآله وصحبه ومن اقتفى أثره.
أمَّا بعد:
فإنَّ أخانا فضيلة الشَّيخ أحمد بن شهاب حامد - وفَّقه الله - يُقدِّم لأهل العلم وطُلَّابه كتاب «المُوْقِظة» للحافظ الكبير والمُؤرِّخ الشَّهير محمَّد بن أحمد الذَّهبيِّ ﵀، بعد أن حقَّقه على ثلاث نسخٍ خطيَّة، تحقيقًا علميًّا، أظهر به القراءة الصَّحيحة للنَّص، بعد ما يزيد على ثلاثة عقودٍ من الزَّمان من طباعته للمرَّة الأولى، وهي طباعةٌ فيها أغلاطٌ وتحريفٌ وسوءُ قراءةٍ للنَّص، مع بعض التَّعليقات التي فيها خروجٌ عن منهج السَّلف.
ولعلَّ هذا التَّحقيق يكون ناسخًا لما تقدَّمه من تحقيق، ومبيِّنًا لما أشكل، بما أودعه في الهوامش من تعليقاتٍ مختصرةٍ متينةٍ
1 / 5
على بعض المواضع، مستفيدًا من كلام المؤلِّف في كتبه الأخرى وغيره من أهل العلم، نفع الله بالكتاب، وبارك فيه، وجزى المحقِّق خيرًا.
والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصَّالحات.
وكتبه
عبد العزيز بن محمد السعيد
٢١/ ١/ ١٤٣٩ هـ
1 / 6
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فهذه هي «المُوْقِظة» في علم مصطلح الحديث، للحافظ المؤرِّخ شمس الدِّين محمَّد بن أحمد بن عثمانَ الذَّهبيِّ ﵀، أقدِّمها للقارئ الكريم بعد أن حقَّقتُها على ثلاث نسخ خطيَّة، وحشَّيتُها بتعليقاتٍ مُوْضِحةٍ لبعض جمل الكتاب، وجعلتُ بين يدَي التَّحقيق والتَّعليق بعضَ المباحث الممهِّدة، وأرجو من الله الكريم أن ينفع بها، وأن يتقبَّل منِّي عملي، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم (^١).
وكتبه
أحمد بن شهاب حامد
في يوم الاثنين، التَّاسع والعشرين، من شهر ذي القَعدة
سنة ثمانٍ وثلاثين وأربع مئةٍ وألف
بمدينة الرِّياض، أعزَّها الله بالإسلام والسُّنَّة (^٢)
_________
(^١) وأرجو من القارئ الكريم أن يتكرَّم بإفادتي بما لديه من اقتراحٍ أو تصويب، على بريدي الإلكتروني: ahmed ١٤٠٨@gmail.com(^٢) ثم تمَّت مراجعة الكتاب في مسجد المصطفى خيرِ الورى، صلوات الله وسلامه عليه، قُبَيل غروب شمس يوم الخميس، الثَّاني والعشرين من شهر الله المحرَّم، سنة تسعٍ وثلاثين وأربع مئةٍ وألف، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصَّالحات.
1 / 7
المبحث الأوَّل
التَّعريف بالحافظ الذَّهبي (^١)
* هو محمَّد بن أحمد بن عثمان بن قَايْمَاز بن عبد الله التُّرْكُمانيُّ الأَصْل، الفَارِقيُّ ثمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحافظ أبو عبد الله شمس الدِّين الذَّهَبِيُّ.
* وُلِد في ثالث ربيعٍ الآخِر سنة ٦٧٣.
* وأجاز له في تلك السَّنة - بعناية أخيه من الرَّضاعة الشَّيخِ علاءِ الدِّين ابنِ العَطَّار -: أحمدُ بن أبي الخير، وابنُ الدَّرَجي، وابنُ عَلَّان، وابن أبي اليُسْر، وابنُ أبي عمر، والفَخْرُ عليٌّ، وجمعٌ جمٌّ.
وطلب بنفسه بعد التِّسعين، فأكثر عن ابن غَدِير وابن عساكر ويوسف الغَسُوليِّ ومن بقي من تلك الطَّبقة ومن بعدها، ثمَّ رَحل إلى القاهرة وأخذ عن الأَبَرْقُوهِيِّ والدِّمياطيِّ وابن الصَّوَّاف والغَرَّافيِّ وغيرهم.
* وخرَّج لنفسه «ثلاثين بلدانيَّة»، ومهَرَ في فنِّ الحديث.
_________
(^١) هذه التَّرجمة مختصرةٌ من «الدُّرر الكامنة» لابن حجر (٤/ ٣٣٦)، وانظر للاستزادة: «الذَّهبيُّ ومنهجه في كتاب تاريخ الإسلام» للدكتور بشَّار عوَّاد معروف.
1 / 9
وجمع «تاريخ الإسلام»، فأربى فيه على من تقدَّم بتحرير أخبار المحدِّثين خصوصًا، وقطعةً من سنة سبع مئة، واختصر منه مختصراتٍ كثيرة، منها: «العِبَر»، و«سير النُّبلاء»، و«مُلَخَّص التَّاريخ» قدر نصفه، و«طبقات الحفَّاظ»، و«طبقات القرَّاء» و«الإشارة»، وغير ذلك.
واختصر «السُّنَن الكبير» للبَيْهقيِّ، فهذَّبه وأجاد فيه، وله «الميزان في نقد الرِّجال» أجاد فيه أيضًا، واختصر «تهذيب الكمَال» لشيخه المزِّي.
وخرَّج لنفسه «المعجم الكبير» و«الصَّغير» و«المختصَّ بالمحدِّثين»، فذكر فيه غالب الطَّلبة من أهل ذلك العصر، وعاش الكثيرُ منهم بعده إلى نحو أربعين سنة، وخرَّج لغيره من شيوخه ومن أقرانه ومن تلامذته.
وَرِغب النَّاس في تواليفه، ورحلوا إليه بسببها، وتداولوها قراءةً ونَسْخًا وسماعًا.
قال الصَّفديُّ: «ولم أجد عنده جُمُودَ المحدِّثين، ولا كَوْدَنةَ النَّقَلة، بل هو فقيه النَّظر، له دُرْبةٌ بأقوال النَّاس ومذاهب الأئمَّة من السَّلف وأرباب المقالات» (^١).
مات في ليلة الثَّالث من ذي القَعْدة سنة ٧٤٨.
_________
(^١) الوافي بالوفيات (٤/ ١١٥).
1 / 10
المبحث الثَّاني
عنوان الكتاب ونسبته إلى المصنِّف
عنوان الكتاب:
عُرِف هذا الكتاب باسم «الموقظة»، وممَّا يؤيِّد صحَّة هذه التَّسمية أمور:
أحدها: ورودها في كلام بعض أهل العلم، ومنهم:
١ - ابن حجر، فقال في «الأسئلة الفائقة بالأجوبة اللَّائقة» (^١) في جواب عن سؤالٍ ورد إليه: «وسألتم رضي الله عنكم عن بيان الحديث الحسن، وهل له حدٌّ جامعٌ مانعٌ أو الأمر كما قال الذَّهبيُّ في الموقظة أنَّه لا يُطمَع في ذلك»، ونقل ذلك السَّخاويُّ في «الجواهر والدُّرر» (^٢).
٢ - ابن أبي شريف، فقال في «حاشية شرح النُّخبة» (^٣): «قوله: (وفهم منه بعضهم) كأنَّه يريد الذَّهبيَّ في مقدِّمته في الاصطلاح المسمَّاة بالموقظة».
_________
(^١) (ص ٦٣).
(^٢) (٢/ ٩١٣).
(^٣) (ص ٨٧).
1 / 11
٣ - السُّيوطيُّ، فنقل في «الحاوي للفتاوي» (^١) و«تحفة الأبرار» (^٢) و«البحر الذي زخر» (^٣) جملًا من الكتاب مُصدِّرًا ذلك بقوله: «قال الذَّهبيُّ في الموقظة».
والثَّاني: ثبوت هذا الاسم في أوَّل نسختين من نسخ الكتاب الخطيَّة، وهما الأصل وب، وجاء في آخر الأصل: «تمَّت المقدِّمة الموقظة».
والثَّالث: أنَّه لا يُعرف من سمَّى الكتاب بغير هذا الاسم.
نسبة الكتاب إلى المصنِّف:
لا شكَّ في ثبوت نسبة الكتاب إلى الحافظ الذَّهبيِّ ﵀، ويدلُّ على ذلك أمور:
أحدها: أنَّ المصنِّف أحال في هذا الكتاب إلى كتبٍ أخرى له، فقال وهو يتكلَّم عن المصنِّفات في الضُّعفاء: (فهذا قد ألَّفتُ فيه مختصرًا سمَّيتُه بـ «المغني»، وبسطتُ فيه مؤلَّفًا سمَّيتُه بـ «الميزان») (^٤).
والثَّاني: نقل العلماء منه مع عزو الكلام إلى الذَّهبي.
_________
(^١) (٢/ ١١٣).
(^٢) (ص ٩٣).
(^٣) (٣/ ٩٩٣).
(^٤) (ص ٧٦).
1 / 12
والثَّالث: نسبة الكتاب إلى الذَّهبيِّ في نُسَخه الخطيَّة.
والرَّابع: أنَّ أسلوب الكتاب في عرضه وصياغته وتعابيره يتوافق مع أسلوب الذَّهبيِّ في سائر كتبه.
1 / 13
المبحث الثَّالث
أهمية كتاب «المُوْقظة»
تظهر أهميَّة كتاب «الموقظة» في أمور:
أوَّلها: جلالة مؤلِّفه، فإنَّ الذَّهبيَّ حافظٌ بارعٌ في الفنِّ، حاذقٌ للصِّناعة الحديثيَّة.
والثَّاني: ظهور أثر اجتهاده في هذا العلم، وذلك في ذكر بعض آرائه، وزيادة بعض المسائل على من سبقه، ومن ذلك:
١ - ذكره بعض الأمثلة على الأسانيد الصَّحيحة، وزيادة بعض المراتب على من سبقه.
٢ - رأيه في عدم انضباط الحسن بقاعدةٍ تندرج كلُّ الأحاديث الحسان فيها.
٣ - ذكره بعض الأمثلة على الأسانيد الحسان، وتقسيم ذلك إلى قسمين: قسمٌ متجاذبٌ بين الصِّحة والحسن، وقسمٌ متجاذبٌ بين الحسن والضَّعف.
٤ - زيادة «المطروح» في ألفاظ علوم الحديث، وهذا قد تفرَّد به كما سيأتي بيانه في موضعه.
1 / 14
٥ - تعقُّبه شيخَه ابن دقيق العيد في مسألة إقرار الرَّاوي بالوضع.
٦ - الكلام على حكم مفاريد الحَّفاظ والثِّقات والصَّدوقين.
٧ - ذكره لبعض صور التَّدليس في ألفاظ الأداء، ممَّا لا يُعرَف أنَّه سُبِق إليه.
٨ - رأيه في التَّصرُّف في الإسناد في رواية المصنَّفات.
٩ - تفصيله في حكم الرَّاوي الذي أخرج له الشَّيخان، والرَّاوي الذي صحَّح له بعض الأئمَّة غير الشَّيخين.
١٠ - تفسيره لبعض ألفاظ الجرح والتَّعديل.
١١ - تقسيم المتكلِّمين في الجرح والتَّعديل من حيث التَّساهل والتَّشدُّد والاعتدال.
والثَّالث: نقل من جاء بعده من أهل العلم عنه، ومنهم:
١ - الحافظ كمال الديِّن محمَّد الشُّمُنِّي (ت ٨٢١ هـ)، وذلك في «نتيجة النَّظر» (^١)، وقد يُصرِّح أحيانًا بالنَّقل عنه، ويُغفِل ذلك أحيانًا.
_________
(^١) (ص ٩٣ و١٤٥ و٢٥٦ و٢٨٢).
1 / 15
٢ - الحافظ ابن ناصر الدِّين الدِّمشقي (ت ٨٤٢ هـ)، وذلك في شرحيه «المطوَّل» (^١) و«المختصر» (^٢) على منظومته في الاصطلاح التي أسماها: «عقود الدُّرر في علوم الأثر»، وهو مُكثِرٌ من النَّقل عنه، فيُصرِّح بذلك أحيانًا، ويغفله أحيانًا.
٣ - الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ)، وذلك في «نزهة النَّظر» (^٣).
٤ - العلَّامة تقيُّ الدِّين أحمد الشُّمُنِّي (^٤) (ت ٨٧٢ هـ)، وذلك في «عالي الرُّتْبة في شرح نظم النُّخْبة» (^٥).
٥ - الحافظ شمس الدِّين السَّخاوي (ت ٩٠٢ هـ)، وذلك في «فتح المغيث» (^٦) و«الغاية في شرح الهداية» (^٧) و«شرح التَّقريب» (^٨).
_________
(^١) انظر على سبيل المثال: (ص ١٨٣).
(^٢) (ص ٢٧).
(^٣) (ص ٨٩).
(^٤) وهو ابن الكمال الآنف ذكره.
(^٥) (ص ٦٣).
(^٦) (٢/ ١٣٢).
(^٧) (٢/ ٢٥٩).
(^٨) (ص ٦٨).
1 / 16
٤ - الحافظ جلال الدِّين السُّيوطي (ت ٩١١ هـ)، وذلك في «تدريب الرَّاوي» (^١) و«البحر الذي زخر» (^٢) و«تحفة الأبرار» (^٣) و«الحاوي للفتاوي» (^٤).
٥ - العلَّامة محمَّد الأمير الصَّنعاني (ت ١١٨٢ هـ)، وذلك في «إسبال المطر» (^٥).
_________
(^١) (١/ ٢٤٨).
(^٢) (٣/ ٩٩٣).
(^٣) (ص ٩٣).
(^٤) (٢/ ١١٣).
(^٥) (ص ٢٣٦)، وقد نقل عنه بواسطة ابن ناصر الدين.
1 / 17
المبحث الرَّابع
موضوعات «المُوْقظة»
يُمكن تقسيمُ موضوعات «الموقظة» إلى ستَّة أقسام (^١):
* القسم الأوَّل: في ذكر مدلولات ألفاظ تتعلَّق بعلوم الحديث، وعدَّتُها اثنان وعشرون لفظًا، وهي:
الصَّحيح، والحسن، والضّعيف، والمطروح، والموضوع، والمرسل، والمعضَل، والمنقطع، والموقوف، والمرفوع، والمتَّصل، والمسنَد، والشَّاذُّ، والمنكر، والغريب، والمسلسل، والمعنعن، والتَّدليس، والمضطرب، والمدرَج، وألفاظ الأداء، والمقلوب.
* القسم الثَّاني: في كيفيَّة التَّحمُّل والأداء، وذَكَر فيه الموضوعات التَّالية:
١ - اشتراط العدالة في الرَّاوي.
٢ - المعتبَر في تحمُّل الصَّغير.
_________
(^١) استفدتُ هذا التَّقسيم من تبويب «الاقتراح» لابن دقيق العيد.
1 / 18
٣ - التَّصرُّف في الإسناد في رواية المصنَّفات أو النَّقل منها.
٤ - قول: «سمعتُ» فيما تحمَّله الرَّاوي بالقراءة.
٥ - إفراد حديثٍ من نسخة.
٦ - اختصار الحديث وتقطيعُه.
٧ - تقديم المتن على الإسناد وتأخيره.
٨ - استعمال ألفاظ الإحالة على المتون.
٩ - التَّحمُّل في المذاكرة.
١٠ - السَّماع من غير مقابلة.
* القسم الثَّالث: في آداب المحدِّث، وذكر فيه الآداب التَّالية:
١ - تصحيح النِّيَّة.
٢ - بذل النَّفس للطَّلَبة.
٣ - الامتناع من الرِّواية عند التَّغيُّر.
٤ - ترك التَّحديث مع وجود من هو أولى.
٥ - دلالة المبتدئين على المهمِّ فالمهمِّ، وعدم غشِّهم.
٦ - مراعاة آداب مجلس التَّحديث.
٧ - ترتيل الحديث وترك الإسراع المذموم فيه.
1 / 19
٨ - عَقْد مجالس الإملاء.
* القسم الرَّابع: في معرفة الثِّقات، وذَكَر فيه الموضوعات التَّالية:
١ - تعريف الثِّقة.
٢ - تعريف الحافظ.
٣ - ذكر طبقات الحفَّاظ، وأمثلة عليهم.
٤ - حكم مفاريد الحفَّاظ.
٥ - حكم مفاريد الثِّقات.
٦ - طرق معرفة الثِّقة، وذَكَر منها طريقين:
(أ) التَّنصيص على توثيقه.
(ب) التَّصحيح لحديثه.
٧ - إطلاق طوائف اسم الثِّقة على من لم يُجرَح مع ارتفاع الجهالة عنه.
٨ - تفسير إطلاق الجهالة على الرَّاوي.
٩ - تقوية حال مجهول العين إذا كان المُنفرِد عنه من كبار الأثبات.
١٠ - مصادر معرفة الثِّقات.
1 / 20
١١ - حال الرُّواة الذين أخرج لهم الشَّيخان أو أحدهما.
١٢ - الثِّقات الذين لم يُخرَّج لهم في الصَّحيحين.
* القسم الخامس: في معرفة الضُّعفاء، وذَكَر فيه موضوعات:
أوَّلها: أمور ينبغي مراعاتها في الكلام في الرُّواة، وهي:
١ - الوَرَع التَّام، والخبرة بالحديث وعلله ورجاله.
٢ - تحرير عبارت الجرح والتَّعديل.
٣ - النَّظر في حال الجارح من حيث الحِدَّة أو التَّساهل أو الاعتدال.
٤ - النَّظر في حال الجارح مع المجروح.
الثَّاني: حكم رواية المبتدع.
الثَّالث: آفات تدخل على المتكلِّمين في الجَرْح، وهي:
١ - اختلاف العقائد.
٢ - الاختلاف بين المتصوِّفة وأهل العلم.
٣ - الجهل بمراتب العلوم.
٤ - عدم الوَرَع والأخذ بالتَّوهُّم.
* القسم السَّادس: في المُؤتلِف والمُختلِف.
1 / 21
المبحث الخامس
منهج الذَّهبيِّ في «المُوْقظة»
استفتح الذَّهبيُّ ﵀ كتابه بالشُّروع في المقصود، دون أن يُصدِّره بخُطبةٍ ولا توطئةٍ يُفصِح فيها عن منهجه، وبالتَّأمُّل في الكتاب يتبيَّن بجلاءٍ أنَّه اعتمد كثيرًا على كتاب «الاقتراح» لشيخه ابن دقيق العيد، فيكاد يكون كتابه اختصارًا له، وهو تارةً ينقل عنه مُصرِّحًا بذلك، فيقول: «قال شيخنا ابن وَهْبٍ» أو: «قال شيخنا ابن دقيق العيد»، وتارةً يختصر كلامه دون تصريح، وهو الأكثر.
ومن ثمَّ كان من الحسن في بيان منهج الذَّهبيِّ في «المُوْقظة» أن يُقرَن بالموازنة بينه وبين منهج ابن دقيق العيد في «الاقتراح»، وذلك من جهات:
* أوَّلها: موضوعات الكتابين:
١ - لم يُورِد الذَّهبيُّ كلَّ المباحث التي أوردها ابن دقيق العيد، بل اقتصر على بعضها وترك كثيرًا منها.
٢ - زاد الذَّهبيُّ بعض المباحث على «الاقتراح»، كـ (المطروح) وتحرير بعض عبارات الجرح والتَّعديل.
1 / 22
* الجهة الثَّانية: مسائل الكتابين:
١ - لم يلتزم الذَّهبيُّ في المبحث الواحد بإيراد كلِّ المسائل الواردة في «الاقتراح»، فتارةً يستوفي إيرادها، وتارةً يقتصر على بعضها.
٢ - قد يزيد على شيخه بعض المسائل في المبحث الواحد، وهذا قليل.
* الجهة الثَّالثة: ترتيب الكتابين:
١ - لم يعتنِ الذَّهبيُّ بالتَّنظيم والتَّرتيب الذي شُيِّد عليه «الاقتراح»، فإنَّ النَّاظر في «الاقتراح» لأوَّل وهلةٍ يظهر له بوضوحٍ حسنُ ترتيب مباحثه، وجودةُ عَرْض مسائله؛ فإنَّ ابن دقيق العيد نظَّم كتابه في تسعة أبواب:
الباب الأوَّل: في مدلولات ألفاظ تتعلَّق بهذه الصِّناعة، وأورد فيه اثنين وعشرين لفظًا، ابتدأها بـ «الصَّحيح»، واختتمها بـ «المقلوب».
الباب الثَّاني: في كيفيَّة السَّماع والتَّحمُّل وضبط الرِّواية وأدائها.
الباب الثَّالث: في آداب المحدِّث.
الباب الرَّابع: في آداب كتابة الحديث.
1 / 23
الباب الخامس: في معرفة العالي والنَّازل.
الباب السَّادس: في معرفة بقايا من الاصطلاح سوى ما تقدَّم في الباب الأوَّل.
الباب السَّابع: في معرفة الثِّقات من الرُّواة.
الباب الثَّامن: في معرفة الضُّعفاء.
الباب التَّاسع: في ذكْر طرَفٍ من الأسماء المُؤْتلفة والمُخْتلفة.
ثمَّ ختم كتابه بذكر أحاديثَ صحيحةٍ مُنقسِمةٍ على أقسام الصَّحيح.
هذا ما يتعلَّق بـ «الاقتراح»، وأمَّا الذَّهبيُّ فإنَّه انتقى من جملة هذه الأبواب بعض المباحث المندرجة تحتها، وسردها سردًا دون تبويب، فتارةً يذكر المبحث بعنوانٍ دالٍ على المضمون، وتارةً يُصدِّره بقوله: «مسألة»، وتارة يصدِّره بقوله: «فصل».
٢ - سار في إيراد ألفاظ علوم الحديث على ترتيب شيخه في الجملة، وخالف ذلك في لفظٍ واحد، وهو «الموضوع»، فإنَّه جعله اللَّفظ الخامس، وأمَّا شيخه فجعله قبل الأخير.
والتَّرتيب الذي سار عليه الذَّهبيُّ أوفق؛ لأنَّه صدَّر كتابه بخمسة ألفاظٍ دالَّةٍ على درجة الحديث، ورتَّبها حسب القوَّة، فابتدأها بالصَّحيح، ثمَّ الحسن، ثمَّ الضَّعيف، ثمَّ المطروح، ثمَّ
1 / 24