Al-Mutafaq wa al-Muftariq
المتفق والمفترق فيمن ذكر بكنيته من الرواة في الكتب الستة
Mai Buga Littafi
دار الأندلس للطباعة - شبين الكوم
Inda aka buga
مصر
Nau'ikan
جامعة الأزهر
كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بالمنوفية
المُتَّفِقُ والمُفْتَرِقُ
فيمن ُذِكرَ بِكُنْيَتهِ من الرُّواةِ في الكتب السِّتَّةِ
تأليف
الدكتور/ يوسف بن جودة بن يس الدَّاودي
_________
مستلة من حولية أصول الدين والدعوة بالمنوفية
العدد الثاني والثلاثون لعام ١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
والمودعة بدار الكتب تحت رقم ٦١٥٧/ ٢٠١٣
دار الأندلس للطباعة - أمام كلية الهندسة - عمارات الزراعيين - شبين الكوم
1 / 1
جامعة الأزهر
كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بالمنوفية
المُتَّفِقُ والمُفْتَرِقُ
فيمن ُذِكرَ بِكُنْيَتهِ من الرُّواةِ في الكتب السِّتَّةِ
تأليف
الدكتور/ يوسف بن جودة بن يس الدَّاودي
1 / 2
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
مقدمة
الحمد لله ربّ العالمين واهب النِّعم، مسدل الخيرات على جميع الأمم، وخص هذه الأمة بعلو الهمم، وأرسل خير البرية ﷺ لخير الأمم، فأخرجها من الظلمات إلى النُّور، وأشرقت جوانبها بأفضل العلوم، فعلَّمَ وهدى، وبيَّن لنا الطريق القويم، وأرسى الحكمة في المعمورة بأسرها، اللَّهُمَّ صَلِّ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، صلاةً كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، أما بعد:
لما كانت كثير من الأسماء والكُنَى والألقاب والأنساب تتشابه في دواوين الحديث وتفترق في حقيقة أمرها، فضلا عن اشتباه كثير من الألفاظ ببعضها وائتلافها في الرسم واختلافها في النقط أو اللفظ، قام جهابذة المحدثين بالاهتمام بالمتشابه من أسماء الرِّجال ومنها المُتَّفِق والمُفْتَرِق من أسماء الرُّواة، وهو بيان الأسماء والكُنَى والألقاب والأنساب التي وردت في أسانيد الحديث متفقة متماثلة وإذا اعتبرت وجدت مفترقة متباينة، وبهذا العلم يُؤمن الوقوع في الإشكال لاشتباهها وتضاهيها، ولكون الكتب السِّتَّة (١) أعظم المصادر في دواوين السُّنَّة،
_________
(١) كتب اتفق أهل الحديث على علوها وتقدمها على غيرها وهي بالترتيب: الصَّحِيحَيْن صَحِيح البخاري، وصَحِيح مُسلم لأَنَّهُمَا أصح الْكتب بعد كتاب الله تَعَالَى، وَقُدِّم أَولهمَا لكَونه على الصحيح أرجحهما لتَقَدُّم مُصَنِّفه في الْفَنِّ، ثمَّ بعدهمَا السُّنَن الأربعة وهى: سُنَن أبى دَاوُد، وجَامِع التِّرمِذي، وسُنَن النَّسائي، وسُنَن ابن مَاجَه. انظر الغاية في شرح الهداية للسخاوي (ت: ٩٠٢ هـ) (ص ٧٧)، والباعث الحثيث لأحمد شاكر (ص ٢٤٠).
1 / 3
وهي الركن الركين، والمرجع الأمين لكل المشتغلين بهذا الفن؛ لهذا أحببت أن أجمع المُتَّفِق والمُفْتَرِق من الرُّواة الذين ذُكِرُوا بِكُنَاهُم في أسانيد الأحاديث التي في الكتب السِّتَّة، للتَّمييز بين المتشابهين في الكُنَية واسم الأب وأحيانا في اسم الجد كما وقع في كثير من أسماء الرُّواة. وثمة سبب آخر دفعني لهذا البحث وهو قلة من كتب أو جمع في هذا العلم الدقيق من علوم الحديث. وتكمن أهمية هذا البحث في عدة أمور منها:
١ - عدم الخلط بين الرُّواة، ومعرفة الثقة من الضعيف للحكم بدقة على الأحاديث.
٢ - بيان الأوهام التي وقعت؛ بسبب الظَّن أنَّ الشَّخْصَين شَخْصٌ واحِدٌ، أوالعكس.
٣ - تسهيل دراسة أسانيد الكتب السِّتَّة للباحثين وبيان ما أُشْكل منها.
٤ - التمييز بين رجال الكتب السِّتَّة الذين ذكروا بكُنَاهم ومعرفة أسمائهم.
٥ - الاهتمام بدقيق العلم لكيلا يضيع بين غالٍ فيه وجافٍ عنه.
الدراسات السابقة:
لم أجد دراسات جديدة سابقة متصلة بهذا البحث إلا مصنفات لأئمة السلف أذكر منها:
١ - كتاب الْمُتَّفِق والمُفْتَرِق، لأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بن عبد الله الجوزقي (ت: ٣٨٨ هـ) (١)، وهو مخطوط من مخطوطات خزانة التراث برقم تسلسلي (٦٧٣٨٨) حديث/فهرس مخطوطات مركز فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض.
_________
(١) كشف الظنون (٢/ ١٥٨٥)، والرسالة المستطرفة (ص ١١٥).
1 / 4
٢ - كتاب الْمُتَّفِق والمُفْتَرِق لأَبِي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت: ٤٦٣ هـ)، ويقع في ستة عشر جزءًا (١)، وكان شرطه كما بيَّنَهُ في مقدمة كتابه أنه لم يذكر في كتابه إلا ما حفظه عمن يوثق به من قدماء أسلافه وأئمة الحفاظ والعلماء (٢). وله عدة طبعات منها: طبعة دار القادري، دمشق، دراسة وتحقيق: د. محمد صادق آيدن الحامدي، الطبعة: الأولى سنة ١٤١٧ هـ، ويقع في ثلاثة أجزاء.
٣ - كتاب الموضح لأوهام الجمع والتفريق، للخطيب البغدادي أيضًا ويقع في مجلد (٣)، وهو مطبوع طبعته دار المعرفة بيروت بتحقيق د. عبد المعطي قلعجي. عام ١٤٠٧ هـ.
٤ - تلخيص المتشابه، للحافظ الخطيب البغدادي أيضًا ويقع في مجلد كبير، وهو مطبوع طبعته دار طلاس بدمشق. بتحقيق سكينة الشهابي. عام ١٩٨٥ م.
٥ - تالي تلخيص المتشابه، للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي أيضًا ويقع في أجزاء (٤)، وهو مطبوع طبعته دار الصميعي بالرياض. بتحقيق مشهور بن حسن سلمان، وأحمد الشقيرات.
٦ - المعجم في مشتبه أسامي المحدِّثين للحافظ أبي الفضل عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الهروي (٤٠٥ هـ) (٥). وهو مطبوع طبعته مكتبة الرشد بالرياض. بتحقيق نظر محمد الفاريابي. عام ١٤١١ هـ.
_________
(١) الرسالة المستطرفة (ص ١١٥)، هداية العارفين (٢/ ٧٩).
(٢) الخطيب البغدادي: الْمُتَّفِق والمُفْتَرِق (١/ ١١٩).
(٣) تذكرة الحفاظ (٣/ ٢٢٣)، وفتح المغيث (٤/ ٢٠٢)، وهداية العارفين (٢/ ٧٩).
(٤) كلا من تلخيص المتشابه وتالي تلخيصه في تذكرة الحفاظ (٣/ ٢٢٣).
(٥) ابن الجوزي: تلقيح فهوم أهل الأثر (ص ٤٤٧)، وفتح المغيث (٤/ ٢٦٩).
1 / 5
٧ - إيضاح الإشكال في الرُّواة للحافظ أبي محمد عبد الغني بن سعيد الأَزْدِيّ المصري (ت: ٤٠٩ هـ) (١)، وهو مخطوط في المكتبة الآصفيه، حيدر آباد، الهند، رقم الحفظ: (٣/ ٣٢٤ رقم ١٩٠).
٨ - الْمُتَّفق والمفترق فِي الأنساب لابن القيسرانى مُحَمَّد بن طَاهِر بن أبى الْحسن الشَّيْبَانِيّ الْحَافِظ أَبِي الْفضل الْمَقْدِسِي (ت: ٥٠٧ هـ) بِبَغْدَاد (٢). وللكتاب اسم آخر وهو: الأنساب المتفقة في الخط المتماثلة في النقط والضبط، ويقع في (٢٢٤) صفحة في مجلد واحد، وهو مطبوع بمطبعة ليدن، بريل ١٢٨٢ هـ - ١٨٦٥ م، تحقيق: المستشرق الهولندي دي يونج، ثم أعيد تصويره في دار ابن الجوزي بالدمام.
٩ - كتاب المُتَّفِق والمُفْتَرِق لابْن النَّجَار مُحَمَّد بن مَحْمُود بن هبة الله أَبُو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي (ت: ٦٤٣ هـ) (٣)، وهو مخطوط في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، الرياض، برقم تسلسلي (٢١٨٤٩)، رقم الحفظ: ١٠٨٦ - ف، ولم أجد له طبعة مع طول البحث.
١٠ - تلخيص المُتَّفِق والمُفْتَرِق للخطيب البغدادي لخصه الحافظ ابن حجر العسقلاني كما ذكر ذلك في نزهة النظر في باب المُتَّفِق والْمُفْتَرِق (٤). وقال الكتاني: " وشرع الحافظ ابن حجر في تلخيصه مع استدراك ما فاته
_________
(١) ابن خير الأشبيلي: في فهرسته (١/ ١٨٧) برقم (٣٧٨)، وتهذيب التهذيب في مواضع (٣/ ١١٣) (٣/ ٤٣٩)، (٤/ ٢١٤)، وفتح المغيث للسخاوي (٤/ ٢٠٢).
(٢) معجم المطبوعات العربية والمعربة لسركيس (١/ ٢٢١)، وهداية العارفين (٢/ ٨٣).
(٣) كشف الظنون (٢/ ١٥٨٥)، الرسالة المستطرفة (ص ١١٥)، وهداية العارفين (٢/ ١٢٢).
(٤) نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص ١٢٩)، والرسالة المستطرفة (ص ١١٥).
1 / 6
فكتب منه شيئًا يسيرًا ولم يكمله" (١).
خطة البحث:
البحث ويشتمل على:
- المقدمة وفيها: أهمية البحث، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، وخطة البحث، ومنهج البحث.
- التمهيد وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: معرفة علم الْمُتَشَابه من أسماء الرِّجال.
المطلب الثاني: معرفة الكُنَى للرُّواة.
المطلب الثالث: سبب اهتمام الأئمة بعلم الْمُتَشَابه.
- ترتيب المُتَّفِق والمُفْتَرِق فيمن ذكر بِكُنْيَتهِ من الرُّواةِ في الكتب السِّتَّةِ على حروف المعجم بالنسبة للمكنى به، وعددهم سبعةٌ وأربعون ترجمة.
- الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.
- ثبت المصادر والمراجع
- الفهارس العلمية:
فهرس الآيَاتِ القُرَآنِيةِ
فهرس الأَحَادِيثِ والآثَارِ
فهرس المُتَّفِق والمُفتَرق من الكُنَى الْمُتَرجَم لَهُم
فهرس الموضوعات
_________
(١) الرسالة المستطرفة (ص ١١٥).
1 / 7
منهج البحث:
قد سلكتُ في تكوين هذا البحث الخطوات الآتية:
١ - الابتداء بكُنْيةِ الرَّاوي واسم أبيه ثم ذكر عدد الرُّواة الذين أُطلِق عليهم ذلك، وبيان مجمل للتفريق بينهما، ثم تفصيل التراجم كُلٌ على حدة.
٢ - تأسَّيتُ بالحافظَين المزّي وابن حجر فوضعتُ الرقم على أول ترجمة الرَّاوي، إشارة إلى من أخرج حديثه من الأئمة. فالبخاري (خ)، والبخاري في التعليقات (خت)، ولمسلم (م)، ولأبي داود (د)، وللترمذي (ت)، وللنَّسائي (الصغرى أو الكبرى) (س)، ولابن ماجه (ق)، وإذا اجتمعت فالرقم (ع).
٣ - ذكرت في ترجمة الرَّاوي اسمه، ونسبه، وطبقته، ومولده إن وجد، وشيوخه، وتلامذته، ودرجته، ومن أخرج حديثه من الكتب السِّتَّة، وأشير إلى الأحاديث في المصنفات على الوجه الآتي: إن كان للرَّاوي حديثٌ واحدٌ جئتُ به، أو بما يشير إلى متنه، وإن كان أكثر من أربعةٍ أُشِيرُ إلى ثلاثة أحاديث في المصنف الذي ذُكِرَ الرَّاوي فيه بكنيته على أقل تقدير، سواء كان الرَّاوي مُقِلًاّ أو مُكْثرًا، ثم أذكر سنة الوفاة.
٤ - اكتفيت بذكر موضع إخراج أصحاب الكتب السِّتَّة لأحاديث الرِّاوي بالإشارة لأرقام الأحاديث، ولتراجم الرُّواة بالجزء والصفحة، هذا وقد ذكر الحافظ المزيُّ، وكذا الحافظ ابن حجر في التهذيب مَنْ رَوَى لهم النَّسائي باعتبار السنن الكبرى أو الصغرى (١).
_________
(١) قد ثبت هذا بالاستقراء والبحث الدقيق على مجموعة كبيرة من أقوال الحافظين في مصنفاتههم.
1 / 8
٥ - إذا كان الرَّاوي متفقًا على ثقته أو ضعفه؛ فإنِّي أكتفي بذكر درجته من تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر.
٦ - وأما إذا كان الرَّاوي مختلفًا في توثيقه؛ فإنِّي أذكر أقوال أئمة النقد فيه جرحًا وتعديلًا ثم أرجح الأقرب للصواب، على أن يكون ترتيب ذكر الأقوال على سنة الوفاة.
٧ - اجتهدت بتقييد كثير من الأَسماء، والكُنَى، وأسماء البلدان، ومعظم الأنساب في التراجم بالشَّكْل تقييد القلم على أصل النص، وربما قيدت ما أخشى وقوع التَّصْحِيف والتَّحْرِيف فيه ضبطًا بالحروف زيادة في التَّحري.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أشكر الله تعالى على نعمته وعظيم فضله سبحانه أن وفقني لإتمام هذا البحث بمنِّه وكرمه، كما أتقدم بالشكر الجزيل لفَضِيلَةِ الأُسْتَاذِ الدَّكْتُورِ الشَّيْخِ صَالحِ بن عَبْدِ الوَهَّاب الفقِّي أستاذ الحديث بالجامعة الإسلامية المدينة المنورة على نصحه وإرشاده، فقد نصح فأخلص، وأرشد فأجاد فجزاه الله عني خير الجزاء، كما أتقدم بِشُكْرِي العَمِيقِ وَامْتِنَانِي العَظِيمِ لِشُيُوخِي الأَفَاضِلِ الَّذِينَ كَانَ لَهُمْ الفَضْلُ عَلَيَّ- بَعْدَ اللهِ ﷿ فِي مَعْرِفَةِ عِلْمِ الحَدِيثِ وَأَخُصُّ بِالذِّكْرِ: فَضِيلَةَ الشَّيْخِ مُحَمَّدَ بنَ عَمْرِو بْنَ عَبْدِاللَّطِيفِ ﵀ وَأَدْخَلَهٌ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ -، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ فِي أَرْضِ الكَنَانَةِ، وَكَذَلِكَ فَضِيلَةَ الشَّيْخِ حِجَازِي أَبَا إِسْحَاقَ الحُوِينِي - حَفِظَهُ الله - وإلى زوجتي وأولادي، وكل من ساعدني بنصح أو بإرشادٍ أو توجيه، فجزاهم الله عني خير الجزاء، وأسأل الله العظيم أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجه سبحانه فإنه خير الراحمين، ونعم المولى ونعم النصير.
1 / 9
التمهيد وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: معرفة علم الْمُتَشَابه من أسماء الرِّجال.
المطلب الثاني: معرفة الكُنَى للرُّواة.
المطلب الثالث: سبب اهتمام الأئمة بعلم الْمُتَشَابه.
1 / 11
تمهيد
المطلب الأول معرفة علم المتشابه من أسماء الرِّجال
يعتبر علم المتشابه من أسماء الرِّجال من ألطف علوم الحديث، وأعمقها ضربًا، وأعظمها فائدة للباحث، وكفى بهذا العلم شرفًا أنَّه لم يتقنه إلا الأفذاذ من نقاد الحديث، وقد عَرَّفه جمع من أئمة الحديث بمعرفَة مَا يُشْتَبه ويُتَصَحَّف من الأَسْمَاء والأنساب، والكُنَى والألقاب، وقسموه على قسمين (١):
الأول: المُتَّفِق والمُفْتَرِق وهو الأسماء والأنساب التي وردت في الحديث متفقة متماثلة وإذا اعتبرت وجدت مفترقة متباينة (٢) في حقيقة أمرها، وقال الحافظ ابن حجر في النزهة: "إِنِ اتفقتْ أَسماؤهم وأَسْماءُ آبائِهِمْ فَصاعِدًا، واختلفتْ أَشْخَاصُهُمْ، سواءٌ اتَّفَقَ في ذلك اثنان منهم أو أكثر، وكذلك إذا اتفق اثْنانِ فصاعِدًا في الكُنيةِ والنِّسبةِ فهُو النَّوعُ الذي يُقالُ لهُ: المُتَّفِقُ والْمُفْتَرِقُ (٣). وهذا النَّوع له صور مختلفة نمثل لبعضها:
١ - من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم مثل: أَحْمَد بن إِسْحَاقَ ثلاثة رجال سموا بذلك من رجال الكتب السِّتَّة وهم: السُرْمَارِي، والحَضْرَمِيُّ، والأَهْوَازِيُّ.
٢ - أن تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم مثل: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عَلِيّ رَجُلان سموا بذلك وهما: الْمَنْجُوفِيُّ، والمِصِّيْصِيُّ.
٣ - أن تتفق الكنية والنسبة معًا مثل: أَبُو الْحَكَمِ العَنْزيُّ رَجُلان: الأول: زيد بن أبي الشعثاء البَصْرِيُّ، والثاني: سَيَّار الوَاسِطِيُّ.
_________
(١) مقدمة ابن الصلاح (ص ٣٤٤ - ٣٦٢)، والتقريب للنووي (ص ١٠٦ - ١١٢).
(٢) كذا عَرَّفه الخطيب البغدادي في كتابه المُتَّفِق والْمُفْتَرِق (١/ ١٠٥).
(٣) ابن حجر العسقلاني: نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص ١٢٩).
1 / 13
٤ - أن يتفق الاسم واسم الأب والنسبة مثل: محمد بن عبد الله الأَنْصَارِيّ رجلان: الأول: أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن المثنى البصري، والثاني: أبو سلمة محمد بن عبدالله ابن زياد الأنصاري مولاهم البصري.
٥ - أن تتفق الكُنَى وأسماء الآباء مثل: أَبُو بَكْرٍ بن عَيَّاشٍ رَجُلان: الكُوفِيُّ المُقْرِئُ، والبَاجُدَّائِيُّ الرَّقِّيُّ.
ولم يُصَنَّفْ في هذا النَّوع إلا مصنفات قليلة فيما أعلم أشهرها كتاب المُتَّفِق والمُفْتَرِق للخطيب البغدادي، وكان شرطه كما بيَّنَهُ في كتابه فقال: "وإني لم أذكر في كتابي هذا إلا ما حفظته عمن يُوثَقُ به من قدماء أسلافنا وأئمة حُفَّاظنا وعلمائنا وقد جعلت الأسماء مرتبة على نسق حروف المعجم؛ لأَنِّي رأيت ذلك أصوب وأجمل ومتى أُرِيدَ شيء منها كان طلبه أقرب وأسهل" (١). ثم قام ابن حجر بتلخيص كتاب الخطيب ولم يكمله، كما بينت ذلك بالمقدمة في دراسات سابقة جميع ما وجدت من تصنيفات في هذا النَّوع (٢).
والثاني: مشتبه مِمَّا اتّفَق خَطًّا، وَاخْتلف نُطقًا، وَيَاتِي غالبه فِي الأَسَانِيد والمرْويَّات والذي يسمى بعلم الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ، وهذا النَّوع له صور كثيرة نمثل لبعضها:
١ - ما ائتَلَفَتْ صورة حروفه واختلفت في الشَّكل مثل: سَلَام بتسهيل اللام وسَلَّام ... بالتشديد، أو كعَقِيل -بفتحِ العينِ- وعُقَيْل -بضمها-، وهكذا.
٢ - ما ائتَلَفَتْ صورة حروفه واختلفت في إعجامها مثل: سِرَاج بالجيم المُعجمةِ وسِرَاح بالحاءِ المُهملةِ، أو كشُرَيْح بالشِّينِ المُعجمةِ والحاءِ المُهملةِ وسُرَيْج بالسِّينِ المُهمَلَةِ والجيمِ.
_________
(١) الخطيب البغدادي: المُتَّفِق والْمُفْتَرِق (١/ ١٠٥).
(٢) الدراسة (ص ٣ - ٥).
1 / 14
٣ - ما ائتَلَفَتْ صورته واختلف في حروفه مثل: زُنَيْر -آخِرُ الْحُرُوفِ رَاءٌ-، وزُنَيْن آخِرُ الْحُرُوفِ نونٌ، أو كجُبَيْرٍ -بالجيم المُعجمةِ والباء الموحدة وياء تحتانيَّةٌ، وآخِرُ الْحُرُوفِ الراء- وحُنَيْنٍ بالحاء المهملة ونون وياء تحتانيَّةٌ وآخِرُ الْحُرُوفِ النون.
وهذا المتشابه المتماثل في الصورة من أدق مَا يشْتَبه في المخطوطات؛ لاسيما في القديمة منها والتي كانت غير منقوطة، وقد كثر التصنيف في هذا النوع من المشتبه فكان أهم ما صُنِفَ فيه كتاب المشتبه والمختلف (١) للْحَافِظ عبدالْغَنِيّ بن سعيد الأَزْدِيِّ (ت: ٤٠٩ هـ) ثم اختصره الإمام الذَّهَبِيّ ﵀ (ت: ٧٤٨ هـ) في كتاب الْمُشْتَبَه فِي الرِّجَال، أَسمائهم وأنسابهم سنة ثَلاث وَعشْرين وَسبع مئة هجرية (٢)، لَكِن اختصاره كان في غاية المبالغة كما صرح الإمام الذَّهَبِيّ نفسه في مقدمة المختصر (٣) بقوله أنَّه يُحِيل كذلك فِيهِ على ضبط الْقَلَم إِلا فِيمَا يصعب وَيشكل فقيده وأشكله بالحروف. ثم قام عدة من علماء الحديث بالتذليل والتعقيب عليه والتوضيح له نذكر منها:
١ - توضيح المشتبه: لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر عبد الله بن ناصر الدين الدِّمشقي (ت: ٨٤٢ هـ) (٤)، وهو من أفضل المصنفات في هذا الباب
_________
(١) وله مسمى آخر هو: المختلف والمؤتلف انظر كشف الظنون (٢/ ١٦٣٧)، وهو مخطوطة مصورة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة تحت رقم ٣٩٧، تاريخ (بعثة المغرب الثانية).
(٢) انظر توضيح المشتبه لابن ناصر الدين (١/ ١١٥)، وكشف الظنون (٢/ ١٦٩١)، والرسالة المستطرفة (ص ١١٨)، وهداية العارفين (٢/ ١٥٥).
(٣) توضيح المشتبه لابن ناصر الدين (١/ ١١٦).
(٤) كشف الظنون (٢/ ١٦٩١)، والرسالة المستطرفة (ص ١١٩)، وهداية العارفين (٢/ ١٩٣).
1 / 15
لاشتماله على فَوَائِد المشتبه، ونفائس مصنفات من سبق، بالإضافة لتحقيق وتدقيق الحافظ ابن ناصر الدين، مطبوع مؤسسة الرسالة، بيروت سنة ١٩٩٣ م، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي.
٢ - الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام: لابن ناصر الدين الدِّمِشْقِي (١)، وهو مجرد من كتاب توضيح المشتبه له، مطبوع في مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة سنة ١٤٠٧ هـ، تحقيق عبد رب النبي محمد.
٣ - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت: (٨٥٢ هـ) (٢)، وهو كتاب غاية في التدقيق والإتقان مع زيادات، مطبوع في المكتبة العلمية، بيروت، تحقيق: علي محمد البجاوي، مراجعة: محمد علي النجار.
_________
(١) الرسالة المستطرفة (ص ١١٩).
(٢) كشف الظنون (١/ ٣٣٩)، (٢/ ١٦٩١)، والرسالة المستطرفة (ص ١١٩)، وهداية العارفين (٢/ ٥٦٣).
1 / 16
المطلب الثاني معرفة الكُنَى للرُّواة
مَعرفة أَصْحَابِ الْكُنَى من الْمُحَدِّثِينَ من أنفع المهمات في علم الحديث؛ ولأَنَّ الجهل به عَيْبٌ للمُحَدِّث؛ لهذا اهتمَّ علماء الحديث بمعرفة الكُنَى اهتمامًا بالغًا فأفرد بعضهم كُنَى الرُّواة في مصنفات كبيرة، مُلِئت بالدُّرر والفوائد التي لا يَسْتَغْنِي عنها المنتهي فضلًا عن المبْتدي، والكُنْيَة في اللغة: كَنَّى: كَنْيَتُ عن الأمر، إذا تكلمت بغيره مما يُسْتَدَلُّ به عليه، ولذلك تُسمى الكنية كأنَّها تورية عن الاسم (١). وهي ما صُدِّرَ بأَبٍ أو أُمٍ أو ابن أو بنت على الأصح في الأخيرين. وأما في الاصطلاح: فعرفها الْخَطِيبُ في الجامع لأخلاق الرَّاوي فقال: " جَمَاعَةٌ اكْتَفَى الرُّوَاةُ عَنْهُمْ بِذِكْرِ كُنَاهُمْ دُونَ أَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ لِغَلَبَتْهَا عَلَيْهِمْ وَاشْتِهَارِهِمْ بِهَا وَالأَمْنِ مِنْ دُخُولِ اللَّبْسِ فِيهَا" (٢).
وللكُنْيَةِ عند أهل الحديث صور كثيرة نشير إليها إجمالا دون تفصيل (٣):
١ - الَّذِينَ سُمُّوا بِالْكُنَى، فَأَسْمَاؤُهُمْ كُنَاهُمْ، لا أَسْمَاءَ لَهُمْ غَيْرُهَا وَيَنْقَسِمُ هَؤُلاءِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأول: مَنْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى سِوَى الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ، فَصَارَ كَأَنَّ لِلْكُنْيَةِ كُنْيَةً، وَهَذَا كَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ (٤)، أَحَدِ فُقَهَاءِ
_________
(١) ابن فارس: في مجمل اللغة (١/ ٧٧١)، وابن الأثير: في النهاية (٤/ ٢٠٧).
(٢) الْخَطِيب: الجامع لأخلاق الرَّاوي وآداب السامع (٢/ ٧٧).
(٣) خلاصة كلام ابن الصلاح (ت: ٦٤٣ هـ) في معرفة أنواع علوم الحديث (ص ٣٣٠ - ٣٣٥).
(٤) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وضم الزَّاى وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى قبيلتين، إحداهما تنسب إلى مخزوم بن عمرو، والأخرى إلى مخزوم قريش، وهو مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب. كما في الأنساب للسمعاني (٢/ ١٣٥ - ١٣٦).
1 / 17
الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ، اسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ، يُقَالُ إِنَّ اسْمَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ.
الثَّانِي: مِنْ هَؤُلاءِ: مَنْ لا كُنْيَةَ لَهُ غَيْرُ الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ، مِثَالُهُ: أَبُو بِلالٍ الأَشْعَرِيُّ (١)، الرَّاوِي عَنْ شَرِيكٍ وَغَيْرِهِ، وَهَكَذَا أَبُو حَصِينِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ.
٢ - الَّذِينَ عُرِفُوا بِكُنَاهُمْ، وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَلا عَلَى حَالِهِمْ فِيهَا، هَلْ هِيَ كُنَاهُمْ أَوْ غَيْرُهَا؟ مِثَالُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: أَبُو أُنَاسٍ الْكِنَانِيُّ ﵁ (٢)، وَأَبُو شَيْبَةَ الْخُدْرِيُّ ﵁ (٣).
٣ - الَّذِينَ لُقِّبُوا بِالْكُنَى، وَلَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ كُنَى وَأَسْمَاءٌ، مِثَالُهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁، يُلَقَّبُ بِأَبي تُرَابٍ، وَيُكْنَى أَبَا الْحَسَنِ. وأَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ، وَأَبُو الزِّنَادِ لَقَبٌ، وَكَانَ عَالِمًا مُتْقِنًا.
٤ - مَنْ لَهُ كُنْيَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ، مِثَالُ ذَلِكَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، كَانَتْ لَهُ كُنْيَتَانِ: أَبُو خَالِدٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعُمَرِيُّ، أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ، رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ، فَتَرَكَهَا وَتَكَنَّى بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
_________
(١) بفتح الألف وسكون الشين المعجمة وفتح العين المهملة وكسر الراء، هذه النسبة الى أشعر وهي قبيلة مشهورة من اليمن، كما في الأنساب للسمعاني (١/ ٢٦٦).
(٢) بكسر الكاف وفتح النون وكسر النون الثانية هذه النسبة إلى عدة من القبائل، منها أبو قرصافة جندرة بن نفير الكناني من قريش، كما في الأنساب للسمعاني (١١/ ١٥١).
(٣) بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة والراء في آخرها، هذه النسبة إلى خدرة، واسمه الأبجر ابن عوف بن الحارث بن الخزرج بن حارثة، قبيلة من الأنصار، كما في الأنساب للسمعاني (٥/ ٦٠)، وانظر إلى جمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص ٣٦٢).
1 / 18
٥ - مَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ، فَذُكِرَ لَهُ عَلَى الاخْتِلافِ كُنْيَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ، وَاسْمُهُ مَعْرُوفٌ، مِثَالُهُ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ﵁، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو زَيْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو خَارِجَةَ. وكأُبَيّ بْنِ كَعْبٍ ﵁ قِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو الْمُنْذِرِ، وَقِيلَ: أَبُو الطُّفَيْلِ.
٦ - مَنْ عُرِفَتْ كُنْيَتُهُ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ، مِثَالُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ ﵁ (١)، اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ مِثْلُهُ فِي اسْمِ أَحَدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِيهِ نَحْوَ عِشْرِينَ قَوْلَةً فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، ورَجَّح أن يكون اسْمه عَبْدَ اللَّهِ أَوْ عَبْدَالرَّحْمَنِ، وَذُكِرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ، وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ: أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ اسْمَهُ عَامِرٌ، وَعَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ.
٧ - مَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ وَاسْمِهِ مَعًا، وَذَلِكَ قَلِيلٌ، مِثَالُهُ: سَفِينَةُ ﵁ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِيلَ: اسْمُهُ عُمَيْرٌ، وَقِيلَ: صَالِحٌ، وَقِيلَ: مِهْرَانُ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ.
٨ - مَنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي كُنْيَتِهِ وَاسْمِهِ، وَعُرِفُوا جَمِيعًا وَاشْتَهَروا، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ مَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ (٢)، وَأَبُو حَنِيفَةَ، النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ، فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ.
_________
(١) بفتح الدال المهملة وسكون الواو وكسر السين المهملة، هذه النسبة إلى قبيلة دَوْس، كما في الأنساب للسمعاني (٥/ ٤٠١)، وانظر إلى جمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص ٣٨٦).
(٢) بفتح الثاء المنقوطة بثلاث وفي آخرها الراء، هذه النسبة الى بطن من همدان وبطن من تميم، كما كما في الأنساب للسمعاني (٣/ ١٥٢).
1 / 19
٩ - مَنِ اشْتَهَرَ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ، وَاسْمُهُ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، مِثَالُهُ: أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، اسْمُهُ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ (١) اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الله.
هذا وقد صَنَّف الأئمة في هذا النَّوع من علم الحديث مصنفات قَيِّمة وكان منهجهم إيراد كُنَى الرُّواة وأسمائهم وأنسابهم وشيوخهم وتلامذتهم. وما يتعلق بهم من جرح وتعديل، وربما ذكروا أحاديثهم، ومن أشهر هذه المصنفات:
١ - الأَسَامِي والكُنَى للإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ (ت: ٢٤١ هـ) رِوَايَة ابْنه صَالح، طبعة: مكتبة دار الأقصى، الكويت الطبعة الأولى، ١٤٠٦ هـ، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، جزء واحد.
٢ - الكُنَى والأسماء للإمام مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت: ٢٦١ هـ)، طبعته: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، ١٤٠٤ هـ تحقيق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، عدد الأجزاء: ٢.
٣ - الكنى والأسماء لأبي بِشْر محمد بن أحمد الدُّولابِيِّ (ت: ٣١٠ هـ)، طبعة: دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، عدد الأجزاء: ٣.
٤ - كتاب الكُنَى لمن لا يعرف له اسم من أصحاب النَّبِي ﷺ، لأبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي (ت: ٣٧٤ هـ)، طبعة: الدار السلفية، بومباي الهند، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ، تحقيق: إقبال أحمد بن محمد بسكوبري، جزء واحد.
_________
(١) بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى سبيع وهو بطن من همدان، كما في الأنساب للسمعاني (٧/ ٦٨).
1 / 20
٥ - فتح الباب في الكُنَى والألقاب، لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مَنْدَةَ (ت: ٣٩٥ هـ)، طبعة: مكتبة الكوثر، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٧ هـ، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، جزء واحد.
٦ - الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف، لأبي نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا (ت: ٤٧٥ هـ)، طبعة: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الطبعة الأولى ١٤١١ هـ، عدد الأجزاء: ٧.
٧ - المقتنى في سرد الكُنَى لأبي عبد الله محمد قَايْماز الذَّهَبِي (ت: ٧٤٨ هـ)، طبعة: المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، ١٤٠٨ هـ، تحقيق: محمد صالح عبد العزيز المراد، عدد الأجزاء: ٢.
1 / 21
المطلب الثالث سبب اهتمام الأئمة بهذا الفن
اهتمَّ أهل الحديث بعلم الْمُتَشَابه من أسماء الرُّواة؛ لوقوع اللَّبس والوهم حتى من كبار الحفَّاظ؛ بسبب الخلط بين المتُشَابِهِين؛ لاسيما إذا كانوا في طبقات مُتَقَارِبة، ونظرًا للقيمة العلمية للتمثيل، سوف أستعرض في هذا المطلب بعض هذه الأوهام على سبيل المثال لا الحصر فمنها: ما أشار إليه الخطيب البَغْدَاديُّ في مقدمة المُتَّفِق والمُفْتَرِق فقال: "وقد وَهَمَ غَير واحدٍ من حملة العلم المعروفين بحسن الحفظ والفهم في شيء من هذا النَّوع الذي ذكرناه، فحدانا ذلك على أن شرحناه ولخصناه، ونسأل الله العصمة من الخطأ في جميع الأمور والعفو عن زللنا" (١)، ثم ساق مثالًا على ذلك فقال: في قول يَحْيَى بْنِ مَعِين: "رَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عن شيخٍ له يقال له عَبْد الْمَلِكِ بْن قُرَيْبٍ وهو الأَصْمَعِيّ ولكن في كتاب مالك: عَبْد الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْرٍ وهو خطأ إنَّما هو الأَصْمَعِيّ" (٢).
فتعقبه الخطيب البغدادي فقال: "قد غَلَط ابْنُ مَعِين في هَذَا القَول غَلَطًا ظَاهرًا وأخطأ خطأ فاحشًا، وحديث مالك صحيح رواه عنه كافة أصحابه وساقه في موطأه عن عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ قُرَيْرٍ، عن محمد بن سيرين. ويرى أنَّ الوهم دخل فيه على يَحْيَى لاتفاق الاسمين وتقارب الأبوين، أعني من عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْرٍ (٣)،
_________
(١) الخطيب البغدادي: المُتَّفِق والمُفْتَرِق (١/ ١٠٥ - ١٠٦).
(٢) وذكره البخاري أيضًا في التاريخ الكبير (٥/ ٤٢٨).
(٣) وهو الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ العَبْدِيُّ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بخلاف الذي يليه، كما في تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب البغدادي (ص ٧٤٦)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (٦/ ٤١٧).
1 / 22