============================================================
القن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة وقالت طائفة من الفرقة الثانية التي زعمت أن القرآن ليس بجسم ولا عرضي: إن القرآن عين من الأعيان، ليس بجسم ولا عرضي قائم بالله، وهو غير الله، ومحال أن يقوم بغير الله، وهو عند هؤلاء إذا تلاه التالي وخطه الكاتب أو حفظه الحافظ قائما بخلق الله مع تلاوة كل تال وحفظ كل حافظ وخط كل كاتب آخر، مثل القرآن قائما بالله دون التالي والكاتب والحافظ.
وقالت طائفة من هؤلاء آخرون - وهم الذين يجعلون الله عز ذكره جسما لا كالأجسام -: إن القرآن ليس بجسم ولا عرض؛ لأنه صفة الله، وصفة الله محال أن تكون هي الله، ويحيلوا أن يكون شيء غير الله ليس بجسم، فلذلك نقول: أن يكون القرآن عرضا، ولو كان جسما غير الله لما كان عندهم إلا في مكان دون مكان، لأنهم يحيلون أن يكون رئكم الجسم كذا مكان؛ لأن ذلك عندهم خلاف المعقول، وقد جعلوا القرآن في زعمهم في أماكن كثيرة لأنه صفة الله، وصفة الله عندهم قد يجوز أن تكون في أماكن كثيرة المخالفة، حكمهم حكم الأجسام والأعراض.
واختلف الذين قالوا: إن القرآن عرض: فقالث طائفة منهم: القرآن عرض خلقه في اللوح المحفوظ، فهو قائم باللوح، ومحال زواله عن اللوح، ولكنه كلما قرأه القارئ أو كتبه الكاتب أو حفظه الحافظ فإن الله يخلقه، في اللوح المحفوظ مخلوق، محال أن يكون ذلك الذي في اللوح المحفوظ اكتسابا لأحد، فإذا تلاء التالي فتلاوته له الله خلقها في هذه الحال واكتساب للتالي، فهو في عينه خلقه الله واكتساب التالي، وكذلك هو خط الكاتب وحفظ الحافظ، هو خلق الله واكتساب الكاتب والحافظ، فالذي هو خلق في هذه الحال وهو اكتسائهم في هذه
Shafi 275