59

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Mai Buga Littafi

إدارة الطباعة المنيرية

Inda aka buga

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

التَّابِعِيُّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ: وَالثَّانِي أَنَّهُ مَرْفُوعٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ: وَإِذَا قَالَ التَّابِعِيُّ أُمِرْنَا بِكَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَمْرَ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ أَمْرَ كُلِّ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ حُجَّةً وَيُحْتَمَلُ أَمْرُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَكِنْ لَا يَلِيقُ بِالْعَالِمِ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ إلَّا وَهُوَ يُرِيدُ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ فَهَذَا كَلَامُ الْغَزَالِيِّ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى خِلَافٍ فِي أَنَّهُ مَوْقُوفٌ أَوْ مَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ: أما إذا قال الصحابي كنا نَفْعَلُ كَذَا أَوْ نَقُولُ كَذَا أَوْ كَانُوا يَقُولُونَ كَذَا وَيَفْعَلُونَ كَذَا أَوْ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِكَذَا أَوْ كَانَ يُقَالُ أَوْ يُفْعَلُ كَذَا فَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ يَكُونُ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَمْ لَا: فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي اللُّمَعِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى فِي الْعَادَةِ كَانَ كَمَا لَوْ رَآهُ النَّبِيُّ ﷺ وَلَمْ يُنْكِرْهُ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا: وَإِنْ جَازَ خفاء عليه ﷺ يَكُنْ مَرْفُوعًا كَقَوْلِ بَعْضِ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُجَامِعُ فَنَكْسَلُ وَلَا نَغْتَسِلُ فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْإِكْسَالِ (١) لِأَنَّهُ يُفْعَلُ سِرًّا فَيَخْفَى: وَقَالَ غَيْرُ الشَّيْخِ إنْ أَضَافَ ذَلِكَ إلَى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ مَرْفُوعًا حُجَّةً كَقَوْلِهِ كُنَّا نَفْعَلُهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَوْ في زمنه أو وَهُوَ فِينَا أَوْ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا: وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَكَثِيرُونَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وغيره لا يكون مرفوعا اضافه أو لَمْ يُضِفْهُ * وَظَاهِرُ اسْتِعْمَالِ كَثِيرِينَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ مُطْلَقًا سواء أضافه أو لَمْ يُضِفْهُ وَهَذَا قَوِيٌّ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ كُنَّا نَفْعَلُ أَوْ كَانُوا يَفْعَلُونَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَأَنَّهُ فُعِلَ عَلَى وَجْهٍ يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيَبْلُغُهُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ وَأَمَّا قَوْلُ التَّابِعِيِّ كَانُوا يَفْعَلُونَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ بَلْ عَلَى الْبَعْضِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بنقله عن أهل الاجماع: وفي ثبوت الا جماع بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَلَامٌ (قُلْتُ) اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَاخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ النَّاسِ: وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى ثُبُوتِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الرَّازِيِّ * فَصَلِّ الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاهِيرِ أَصْحَابِ الْأُصُولِ وَالنَّظَرِ وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبَيِّعِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٍ وَجَمَاعَةِ اهل الحديث والفقهاء الْحِجَازِ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَأَحْمَدُ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ يحتج به ونقله الغزالي عن الجماهير: وقال أبو عمر بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ إذَا كَانَ مُرْسِلُهُ غَيْرَ مُتَحَرِّزٍ يُرْسِلُ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ. وَدَلِيلُنَا فِي رَدِّ الْمُرْسَلِ مُطْلَقًا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ رِوَايَةُ الْمَجْهُولِ الْمُسَمَّى لَا تُقْبَلُ لِجَهَالَةِ حَالِهِ فَرِوَايَةُ الْمُرْسَلِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ مَحْذُوفٌ مَجْهُولُ الْعَيْنِ وَالْحَالِ: ثُمَّ إنَّ مُرَادَنَا بِالْمُرْسَلِ هنا ما انقطع اسناده

(١) في المصباح اكسل المجامع بالالف إذا نزع ولم ينزل ضعفا كان أو غيره اه

1 / 60