84

المدخل

المدخل

Mai Buga Littafi

دار التراث

Lambar Fassara

الأولى

Inda aka buga

القاهرة

بِذَلِكَ وَتَصَرُّفِهِ مَعَهُمْ بِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ مِمَّنْ خَالَطَهُ أَوْ اقْتَبَسَ مِنْهُ أَوْ رَآهُ أَوْ رَأَى مَنْ رَآهُ ثُمَّ يَتَعَدَّى ذَلِكَ لِلثَّقَلَيْنِ جِنِّهِمْ، وَإِنْسِهِمْ مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ لِسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ لِتَعَلُّمِهِ حُكْمَ اللَّهِ فِي الْجَمِيعِ وَتَعْلِيمُ ذَلِكَ مِثْلِ قَوْلِهِ: ﵊ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» . وَلِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ كَانَ الْعَالِمُ إذَا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ كُلُّ الْخَلْقِ حَتَّى الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكُ فِي الْمَاءِ لِانْتِفَاعِهِمْ بِهِ فِي تَبْيِينِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِمْ فَيَرْتَفِعُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ لِأَجْلِ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِمْ بِالْجَهْلِ عَذَابٌ لَهُمْ نَهَى ﵊ أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْمَقْتَلِ وَنَهَى أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ أَحَدٌ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَسْأَلُ الْعُودَ لِمَ خَدَشَ الْعُودَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَثِيرٌ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: أَهْلُ الذِّكْرِ فِي الْآيَةِ هُمْ الْعُلَمَاءُ فَهُمْ يُسْأَلُونَ عَنْ النَّوَازِلِ وَبِفَتْوَاهُمْ يُعْبَدُ اللَّهُ وَيُطَاعُ وَيُمْتَثَلُ أَمْرُهُ وَيُجْتَنَبُ نَهْيُهُ فَعَلَى هَذَا فَأَهْلُ الذِّكْرِ هُمْ الْعُلَمَاءُ لِنَصِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَلِهَذَا الْخَيْرِ الْمُتَعَدِّي الْمَذْكُورِ قَدْ وَرَدَ عَنْهُ ﵊ أَنَّهُ قَالَ: «لَمَجْلِسُ عَالِمٍ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِ سَنَةٍ لَا يُعْصَى اللَّهُ فِيهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ» . وَقَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨] وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي أَنَّ الْخَشْيَةَ لِلَّهِ تَعَالَى أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّ الْخَشْيَةَ لِلَّهِ تَعَالَى هِيَ الْمَقْصُودُ وَالْمَطْلُوبُ وَلَا يُرَادُ الذِّكْرُ إلَّا لِأَجْلِهَا، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا لِلْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ ﷿ قَالَ: " إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ " وَإِنَّمَا لِلْحَصْرِ عَلَى مَا قَالَهُ النَّحْوِيُّونَ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣] وَأَيْنَ هَذَا الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَهَذَا الْفَضْلُ كُلُّهُ مِنْ الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي أَنَّ الْخَيْرَ الْمُتَعَدِّيَ أَفْضَلُ مِنْ الْخَيْرِ الْقَاصِرِ عَلَى الْمَرْءِ نَفْسِهِ فَبَانَ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ الذِّكْرِ وَالْقَاعِدَةُ فِي أَلْفَاظِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى وَأَفْضَلُ بَلْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ دُونَ عِلْمٍ مَكْرُوهٍ لِمَا جَاءَ أَنَّ اللَّهَ ﷿

1 / 89