87

Al-Istidh'af wa Ahkamuhu fi al-Fiqh al-Islami

الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي

Mai Buga Littafi

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

Inda aka buga

الرياض - المملكة العربية السعودية

Nau'ikan

لم يكن المسلمون في المرحلة المكية أمة منفصلة عن المجتمع المكي، ولم تكن لهم أرض يمارسون عليها سيادتهم، أو يقيموا حكومة ترعى مصالحهم وتدافع عنهم وتنفذ شريعتهم، كما لم يكن لهم سلطان وقوة، وإنما كان الرسول ﷺ يسعى لجمع الناس على الدين تمهيدًا لإقامة الدولة الإسلامية لاحقًا، ولذا لم ينزل اللَّه ﷿ في تلك الفترة تنظيمات وشرائع، وإنما عقيدة وخلقًا منبثقًا عنها، فلما أن صارت لهم الدولة بالمدينة، تنزلت الشرائع (١).
وقد يتسنى للمستضعفين إظهار الشعائر من الآذان والصلاة وبناء المساجد ولبس الحجاب ونحوها، إلا أنهم لا يقدرون أن يقيموا الحدود لعدم وجود القوة والسلطة الإسلامية كحال الكثير من الأقليات الإسلامية في الدول الغربية اليوم، وقد يتسنى لهم إقامة محاكم إسلامية في قضايا محددة كالزواج والطلاق دون غيرها من القضايا.
المظهر الرابع: عدم القدرة على الهجرة:
وهذا أمر ظاهر فقد أخبر اللَّه ﷿ عن حال المستضعفين في مكة، ووصف لنا أحوال المعذورين منهم، بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ (٢)، فالاستضعاف المعفو عمن اتصف به غير الاستضعاف المعتذر به في أول الآية

(١) انظر: الدولة الإسلامية بين التراث والمعاصرة، د. توفيق الواعي، بيروت: دار ابن حزم، ط ١، ١٤١٦ هـ، ص ٢٧، ومعالم على الطريق، ص ٣٤.
(٢) سورة النساء، الآيات [٩٧ - ٩٩].

1 / 91