Al-Isabah fi Dhib an al-Sahabah
الإصابة في الذب عن الصحابة ﵃ -
Nau'ikan
يذمون الممدوحين، ويمدحون المذمومين (١)
٥ - والله جل وعلا، في أكثر من موضع يبين فضل الصحابة ومكانتهم، ويعاتب فيهم نبيه ﵊: فيقول في شأن ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديمًا، أقبل إلى النبي ﷺ يسأله ويلح عليه، فعبس النبي ﷺ في وجهه وأعرض عنه، وأقبل إلى من كان يخاطبه من عظماء قريش ممن قد طمع في إسلامه فقال المولى جل شأنه [عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى] عبس ١ - ١٠.
قال الإمام القرطبي: الآية عتاب من الله لنبيه ﷺ في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم، وكان قد تشاغل عنه برجل من عظماء المشركين.
وقيل: إنما قصد النبي ﷺ تأليف الرجل، ثقة بما كان في قلب ابن أم مكتوم من الإيمان، كما قال ﵊: (إني لأصل الرجل وغيره أحب إليّ منه، مخافة أن يكبه الله في النار على وجهه).
قال ابن زيد: إنما عبس النبي ﷺ لابن أم مكتوم وأعرض عنه؛ لأنه أشار إلى الذي كان يقوده أن يكفه، فدفعه ابن أم مكتوم، وأبى إلا أن يكلم النبي ﷺ حتى يعلمه، فكان في هذا نوع جفاء منه، ومع هذا أنزل الله في حقه
(١) ابن كثير: مرجع سابق: ٣/ ٥٢٥
1 / 253