118

Al-Hisbah - University of Madinah

الحسبة - جامعة المدينة

Mai Buga Littafi

جامعة المدينة العالمية

Nau'ikan

ونماذج شعرهم كثيرة، وهي محفوظة في دواوينهم، وكان شعر حسان على الكفار أشد وقعًا من السهام والنبال، وضرب السيوف، حتى لقب حسان: بشاعر الرسول. كما كان ﷺ يعين لحسان ولغيره المصدر والمرجع إذا التبس نسب، أو يوم من أيام العرب، وما عليهم إذا أشكل عليهم ذلك، إلا أن يسألوا أبا بكر الصديق ﵁ فقد كان نسابة العرب في عصره.
وكم كان الرسول ﷺ يعد حسانًا لمنازلة أعدائه، مما جعل قريحته الشعرية تجود بأحسن ما يكون من الهجاء لأعداء الله ورسوله.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: «اهج قريشًا؛ فإنه أشد عليها من رشق النبل، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم. فهجاهم، فلم يرض. فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه، فجعل يحركه ويقول: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم. فقال رسول الله ﷺ: لا تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا حتى يلخص لك نسبي، فأتاه حسان -أي: أتى أبا بكر- ثم رجع فقال: يا رسول الله، قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله ﷺ يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله».
وقالت عائشة ﵂: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «هجاهم حسان فشفا واستشفى».
ولقوة هذه الوسيلة -أي: الشعر- وفعاليتها، لم يكن الرسول ﷺ يكتفي بالرد عليهم بالوسيلة نفسها، بل كان يتعدى ذلك إلى إهدار دم بعض حاملي هذه الوسيلة من أعداء الإسلام، ممن اشتد أذاهم على الرسول ﷺ ودعوته.

1 / 134