Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Mai Buga Littafi
المكتب الإسلامي
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٤٠٢ هـ
Inda aka buga
(دمشق - بيروت)
Nau'ikan
Usul al-Fiqh
وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْخِطَابَ إِذَا كَانَ مَعَ الْأُمَّةِ كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي مَا وُجِدَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَنَهْيِهِمْ جُمْلَةً وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُجَّةً فِي الْأَفْرَادِ.
الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾) وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهَا، أَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنِ التَّفَرُّقِ، وَمُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ تَفَرُّقٌ، فَكَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ.
وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً سِوَى النَّهْيِ عَنْ مُخَالَفَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ صِيغَةِ النَّهْيِ - وَإِنْ سَلَّمْنَاهَا - وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي النَّوَاهِي.
سَلَّمْنَا دَلَالَةَ النَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ عُمُومَ النَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، بَلِ التَّفَرُّقُ فِي الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ إِذْ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنَ الْآيَةِ، وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ لِعَبِيدِهِ: (ادْخُلُوا الْبَلَدَ أَجْمَعِينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا) فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنِ التَّفَرُّقِ فِي دُخُولِ الْبَلَدِ، وَمَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعَصْرِ اعْتِصَامٌ بِحَبْلِ اللَّهِ؛ فَلَا يَكُونُ التَّفَرُّقُ مَنْهِيًّا عَنْهُ.
سَلَّمْنَا أَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ فِي كُلِّ تَفَرُّقٍ، وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ.
فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ مَا أَوْجَبَهُ ظَنُّهُ، وَإِذَا كَانَتِ الظُّنُونُ وَالْآرَاءُ مُخْتَلِفَةً كَانَ التَّفَرُّقُ مَأْمُورًا بِهِ لَا مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَالْعَامُّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ لَا يَبْقَى حُجَّةً عَلَى مَا سَيَأْتِي.
سَلَّمْنَا صِحَّةَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، لَكِنَّهُ خِطَابٌ مَعَ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﵇، فَلَا يَكُونُ مُتَنَاوِلًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَإِجْمَاعُ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ فِي زَمَانِهِ إِجْمَاعًا، وَلَا تَحَقُّقَ لِوُجُودِهِمْ بِجُمْلَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ حَتَّى يَكُونَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً عَلَى مَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَا سَيَأْتِي فِي النَّوَاهِي.
وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ أَمْرٌ بِالِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ، وَقَوْلَهُ: ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ نَهْيٌ عَنِ التَّفَرُّقِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ النَّهْيُ عَنِ التَّفَرُّقِ فِي الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ مُفِيدًا لِمَا أَفَادَهُ الْأَمْرُ بِالِاعْتِصَامِ بِهِ، فَكَانَ تَأْكِيدًا، وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ التَّأْسِيسُ دُونَ التَّأْكِيدِ.
1 / 217